2024/12/22
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا, فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ I: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا, فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث أبي سعيد I: رواه البخاري (1310)، ومسلم (959).

فقه الحديث:

مسألة: القيام على من تبع الجنازة وعلى من مرت به([1]):

الذي عليه أكثر أهل العلم: أنه يستحب القيام في الموضعين، فيستحب لمن مرت به الجنازة وهو قاعد أن يقوم، ويستحب لمن تبع الجنازة ألا يجلس حتى توضع الجنازة، ففي حديث أبي سعيد I أن النبي H قال: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا، فَمَنْ تَبِعَهَا فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ»، فأمر بالقيام ونهى المتبع للجنازة عن الجلوس حتى توضع، وقد جاء بنحوه أيضًا - من حديث جابر، وعامر بن ربيعة، وسهل بن حنيف، وقيس بن سعد M، وكلها في الصحيحين.

ولا يكون هذا القيام واجبًا في الموضعين؛ لما رواه مسلم عن علي بن أبي طالب I قال: «قَامَ رَسُولُ اللَّهِ H ثُمَّ قَعَدَ»، فقعد النبي H بعد أن أمر بالقيام؛ ليبين أن هذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب. وجاء عند أحمد (1/82)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (1/488)، والبيهقي (4/27) وغيرهم عن علي بن أبي طالب I قال: «أَمَرَنَا بِالْقِيَامِ فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ»، وإسناده صحيح.

وهذا الأمر بالجلوس يرد عليه بالآتي:

  1.  أنه شاذ لا يثبت، فحديثه في صحيح مسلم وغيره ليس فيه الأمر بالجلوس، وإنما فيه فعل النبي H أنه قام ثم قعد، والأقرب أن الحديث يثبت باللفظين.
  2. أن النبي H أمر بالجلوس بعد أن أمر بالقيام؛ ليبين أن أمره الأول للاستحباب فقط، وليس مراده بالأمر بالجلوس إلغاء حكم الأول ونسخه، لإمكان الجمع بين الحديثين، فلا يصار إلى النسخ.

والمشهور عند المالكية والشافعية: أن القيام في الموضعين منسوخ، فلا يستحب لمن مرت به الجنازة وهو قاعد أن يقوم، ولا يستحب القيام لمن تبعها حتى توضع، لحديث علي بن أبي طالب I، ففيه: أن آخر الأمر من النبي H هو القعود وأمر به الناس، والعمل بالمتأخر والمتقدم منسوخ.

وقد مرت جنازة على الحسن بن علي وابن عباس L فقام أحدهما ولم يقم الآخر، فقال الذي قام: «أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَدْ قَامَ، قَالَ لَهُ الَّذِي جَلَسَ: لَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَدْ جَلَسَ»، رواه النسائي (4/47) وإسناده صحيح.

والظاهر: أن ما عليه أكثر أهل العلم هو الأصح، فيستحب القيام في الموضعين؛ لعدم تعذر الجمع بين الحديثين، والله أعلم.

 

([1]) المغني (3/403)، المجموع شرح المهذب (5/280)، الاستذكار (8/302)، فتح الباري (3/532، 535).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=728