وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنِ النَّبِيِّ H قَالَ: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ, أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: الْعُشْرُ, وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: «أَوْ كَانَ بَعْلًا: الْعُشْرُ, وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ: نِصْفُ الْعُشْرِ».
تخريج الحديث:
حديث ابن عمر L: رواه البخاري (1483)، ورواه أبو داود (1596) بإسناد صحيح.
فقه الحديث:
مسألة: مقدار ما يخرج في زكاة الحبوب والثمار([1]):
لا خلاف بين العلماء أن ما سُقِي من الزرع والثمار بغير مؤنة كالذي يسقى من ماء السماء أو الأنهار أن فيه العُشر، وأن ما سقي منها بالمؤنة كالماء الذي يرفع بالنواضح من الآبار أن فيه نصف العُشر؛ لما جاء عن رسول الله H أنه قال: «فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالعُيُونُ، أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا: العُشْرُ»، كان عثريًّا: أي يشرب بعروقه من غير السقي، ويعتمد على الرطوبة الموجودة في الأرض. وفي رواية: «أَوْ كَانَ بَعْلًا» وهو بمعنى العثري، «وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ» وفي رواية: «وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي أَوِ النَّضْحِ: نِصْفُ العُشْرِ»، والسواني: هي الآلة المستخدمة في إخراج الماء.
مثلًا: شخص حصل على مائة قدح بلا مؤنة؛ فعليه العشر، وهو عشرة أقداح. وآخر حصل على مائة قدح، وكان سقى أرضه بمؤنة؛ فعليه نصف العشر، وهو خمسة أقداح.
ولا خلاف بين العلماء أنه إذا سقى نصف سنة بمؤنة، ونصفها بغير مؤنة؛ أنه يخرج من نصفه العُشر، ونصفه الآخر نصف العُشر؛ فعليه: يخرج منهما ثلاثة أرباع العشر.
واختلفوا فيما إذا سقى بأحدهما أكثر من الآخر:
القول الأول: أنه يقسط عليهما بالحساب، كما لو كانا نصفين حتى يعلم براءة ذمته، ويدور التقسيط بين العشر ونصفه. مثلًا: سقى زرعه بمؤنة ثلث السنة (أربعة أشهر)، و سقى زرعه بدون مؤنة ثلثي سنة (ثمانية أشهر)؛ فيقسم المحصول إلى قسمين: ثلث، وثلثين؛ فيؤخذ من الثلث نصف العُشر، ويؤخذ من الثلثين العُشر، فعليه سبعة أقداح ونصف القدح من المائة القدح، فهذا هو العدل، وظاهر الأدلة تدل عليه، كحديث ابن عمر L، وهذا هو الأصح عند الشافعية، وقول بعض الحنابلة، وهو الأرجح.
وإذا أخرج العشر من الكل؛ فهو أحوط.
والقول الثاني: مذهب أبي حنيفة، والصحيح عند الحنابلة، ووجه للشافعية: أنه يأخذ بحكم الأكثر، ويسقط حكم الأقل؛ لأنه يشق ويتعذر تحديد مقدار السقي، فعلى المثال السابق يخرج العشر، وهو عشرة أقداح من المائة.
([1]) المغني (4/164)، المجموع شرح المهذب (5/462)، بداية المجتهد (1/265)، فتح الباري (4/115).