2024/12/22
عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ, وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى,

وَعَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ L عَنِ النَّبِيِّ H قَالَ: «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ, وَخَيْرُ الصَّدَقَةِ عَنْ ظَهْرِ غِنًى, وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ, وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

(635) 05- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ L قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ? قَالَ: «جُهْدُ الْمُقِلِّ, وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ, وَالْحَاكِمُ.

(636) 06- وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «تَصَدَّقُوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, عِنْدِي دِينَارٌ? قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ»، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ, قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ, قَالَ: «تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ» قَالَ: عِنْدِي آخَرُ, قَالَ: «أَنْتَ أَبْصَرُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.

تخريج الأحاديث:

حديث حكيم بن حزام I: رواه البخاري (1427)، ومسلم (1034).

وحديث أبي هريرة I: الأول: رواه أحمد (2/358)، وأبو داود (1677) وغيرهما وإسناده حسن. وحديث أبي هريرة I.

الثاني: رواه أبو داود (1691)، والنسائي (5/62) وغيرهما، وإسناده حسن أيضًا.

فقه الأحاديث:

المسألة الأولى: الصدقة بما يحتاج إليه من يعوله المسلم([1]):

سائر الفقهاء على أنه لا يجوز للمسلم أن يتصدق بما يحتاج إليه من يعوله كزوجته وأولاده ولا غنى لهم عنه، فقد أمر النبي H بالبدء بهم فقال: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»، ولأن النفقة على العيال والزوجة واجبة، وصدقة التطوع مستحبة، فلا يقدم المستحب على الواجب، وقد أمره H بالصدقة أولًا على نفسه وولده وخادمه، ثم يتصدق بعد ذلك على من شاء.

وأما ما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة I في الرجل ضيَّف ضيْف رسول الله H، وليس معه إلا قوت الصِبيَة، فأكل الضيف وبات الزوجان طاويين أي: لم يأكلا -، فنزل قوله D: ﴿ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞ [الحشر: ٩]؛ فالجواب عليه بالآتي:

الأول: أن هذا من باب الضيافة، وهي لا يشترط فيها الفضل عن عياله ونفسه لتأكدها.

الثاني: أن هذا الرجل وامرأته تبرعا بحقهما وتصبرا وفرحا بذلك، وليس في الحديث أن الصِبية لم يأكلوا ما احتاجوا إليه.

الثالث: لعل هذا المسكين تضرر لو لم يُطعَم، فقدِّم للضرورة.

وأما الصدقة بما زاد عن كفاية الشخص ومن يعول؛ فهي مستحبة عند كافة العلماء.

المسألة الثانية: الصدقة بالمال كله([2]):

اتفق الفقهاء على أنه يجوز للمسلم الصدقة بماله كله إذا لم يضر بمن يعوله، وهو يعلم من نفسه حسن التوكل والصبر والتعفف عن المسألة.

فإن علم من نفسه عدم القدرة على الصبر والتعفف؛ فلا يجوز له أن يتصدق بماله كله، على الصحيح من أقوال أهل العلم، وهو المذهب عند الشافعية والحنابلة.

وإذا كان عنده حسن توكل وصبر؛ فيستحب له أن يتصدق بماله كله، إذا لم يضر بنفسه، وكان عنده مكتسب، كالتجارة أو الزراعة، وهذا عليه جمهور أهل العلم، وهو الراجح؛ فقد تصدق أبو بكر I بماله كله، كما رواه أبو داود (1678) وغيره بإسناد حسن، وقدكان أبو بكر رضي الله عنهقوي التوكل على ربه، صبورًا لقوة إيمانه ولقوة نفسه، وكان أيضًا تاجرًا ذا مكسب، فقد صح عنه أنه قال: «إِنَّ تِجَارَتِي قَدْ كَانَتْ تَفْضُلُ لِي فَضْلا عَنْ نَفَقَةِ أَهْلِي»، وصح عن ابنته عائشة J أنها قالت: «كَانَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ أَتْجَرِ قُرَيْشٍ، حَتَّى دَخَلَ فِي الإِمَارَةِ».

ولا تستحب الصدقة في هذه الحالة لمن لم يكن له تكسب، لأن خير الصدقة عن ظهر غنى، كما قال رسول الله H في حديث حكيم بن حزام I، فقد لا يأمن فتنة الفقر، ويصير كلًّا على الناس.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (6/233)، المغني (4/320)، الإنصاف (3/266)، الموسوعة الفقهية (26/339).

([2]) المجموع شرح المهذب (6/233)، المغني (4/320)، مجموع الفتاوى (8/38)، الإنصاف (3/267)، الموسوعة الفقهية (26/337)، أحكام الأغنياء للأشقر.

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=767