وَعَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ L قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ, إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ».
وَفِي رِوَايَةٍ: «وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا آلِ مُحَمَّدٍ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديث:
حديث عبد المطلب بن ربيعة I: رواه مسلم (1072).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: دفع الزكاة لبني هاشم([1]):
لا خلاف بين أهل العلم أن الزكاة لا تحل لبني هاشم إذا كانت من غير هاشمي، والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنها لا تحل لهم – أيضًا - ولو كانت من هاشمي، لعموم قوله H: «إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ»، قد روى هذا الحديث عدة من الصحابة، ولم يستثن النبي H من هذا النهي زكاة الهاشمي.
وأما ما روى الحاكم في «معرفة علوم الحديث» (ص/175) عن العباس I قال: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حَرَّمْتَ عَلَيْنَا صَدَقَاتِ النَّاسِ، فَهَلْ تَحِلُّ صَدَقَةَ بَعْضِنَا لِبَعْضٍ؟ قَالَ: نَعَمْ» فإسناده ضعيف جدًّا، فيه راو متروك وبعض الضعفاء.
المسألة الثانية: إذا مُنِع بنو هاشم من خمس الخمس من الغنائم([2]):
منعهم منه إما لأنه لا توجد فتوحات إسلامية، وإما ظلموا من قبل الدولة، وهذه المسألة فيها قولان عند أهل العلم:
القول الأول: تحل لهم الصدقة في هذه الحالة، وهو قول في المذاهب الأربعة، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية، لأن خمس الخمس من الغنائم عوض لهم عن الزكاة، فإذا لم يعطوا العوض عادوا إلى المعوض عنه وهو الزكاة.
القول الثاني: لا تحل لهم الزكاة - أيضًا - في هذه الحالة، وهو مذهب جمهور أهل العلم؛ لعموم قوله H: «إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ»، ولأن العلة من حرمانهم من الزكاة: أنها من أوساخ الناس كما قال النبي H، فلا دليل على أنهم إذا منعوا الخمس أعطوا من الزكاة، وهو الراجح، ويعطون من جهات أخرى تحل لهم، كالهبة والهدية والصلة وصدقة التطوع كما سيأتي، ولا بأس بإعطائهم من الزكاة عند الضرورة، كما يباح أكل الميتة عندها، ولعل أهل العلم لا يختلفون في هذا، فالضرورة تبيح المحظور.
المسألة الثالثة: صدقة التطوع لبني هاشم([3]):
الصحيح الذي عليهم جمهور أهل العلم: أن صدقة التطوع تباح لبني هاشم، والمنع خاص بصدقة الفرض.
ودليلهم الآتي:
وذهب ابن حزم، وبعض الحنفية، وبعض المالكية: وأحمد في رواية: إلى أنها لا تحل لهم أيضًا؛ لعموم قوله H: «إنَّا لاَ تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ».
([1]) المغني (4/109)، المجموع شرح المهذب (6/227)، فتح الباري (4/122)، جامع الاختيارات الفقهية (1/400).
([2]) المراجع السابقة، والمنتقى للباجي (2/152)، حاشية الدسوقي (2/102)، فتح القدير (2/273).
([3]) المراجع السابقة، والمحلى [مسألة] (719).