وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ L قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث أنس بن مالك I: رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095).
فقه الحديث:
أجمع العلماء على استحباب السحور للصائم وأنه ليس واجبًا، ففي السحور بركة وفوائد ومنها:
وقد اتفق العلماء على استحباب تأخير السحور، فقد جاء في الصحيحين عن زيد بن ثابت I قال: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ H ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ، قِيلَ لَهُ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً»، وجاء عن عمر ابن الخطاب I أنه دعا إلى السحور وقال: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَمَّاهُ الْغَدَاءَ الْمُبَارَكَ»، رواه الطبراني في الأوسط (1/160) بإسناد حسن، وله شواهد ترقيه للصحة. فسماه: غداء؛ لقرب وقته من وقت الغداء، وهو الفجر، وهو ما كان عليه الصحابة، كما في أثر عمرو بن ميمون السابق.
الذي عليه فقهاء المذاهب الأربعة: أن السحور يحصل بأقل ما يتناوله المسلم بنية التسحر، فقد جاء عند أحمد (3/12، 367) وابن حبان (3477) عن عدة من الصحابة أن النبي H قال: «تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ»، وهو حديث حسن بمجموع طرقه، وجاء عند ابن حبان (3435)، والبيهقي (4/236) عن أبي هريرة I أن النبي H قال: «نِعْمَ السَّحُورُ التَّمْر»، وإسناده صحيح.
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن من شك في طلوع الفجر وأراد الصوم؛ أنه لا يجب عليه الإمساك عن الأكل والشرب، فقد قال : ﴿ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِ ﴾ [البقرة: ١٨٧]،
فأباح الله الأكل والشرب لمن أراد الصوم، حتى يتبين له طلوع الفجر، والتبين: هو التحقق والتيقن. فلا يلزمه الإمساك إذا كان شاكًّا ولم يحصل له التبين، وقد ثبت عن ابن عباس L أنه سئل عن رجل شك في طلوع الفجر، فقال ابن عباس L: «كُلْ مَا شَكَكْتَ حَتَّى لا تَشُكَّ».
([1]) المغني (4/432)، المجموع شرح المهذب (6/360)، فتح الباري (4/641).
([2]) المراجع السابقة.
([3]) المجموع شرح المهذب (6/306)، المغني (4/433)، مجموع الفتاوى (25/260)، فتح الباري (4/634).