2024/12/23
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْوِصَالِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ? قَالَ:

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ L قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ H عَنِ الْوِصَالِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوَاصِلُ? قَالَ: «وَأَيُّكُمْ مِثْلِي? إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي». فَلَمَّا أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا عَنِ الْوِصَالِ وَاصَلَ بِهِمْ يَوْمًا, ثُمَّ يَوْمًا, ثُمَّ رَأَوُا الْهِلَالَ, فَقَالَ: «لَوْ تَأَخَّرَ الْهِلَالُ لَزِدْتُكُمْ»، كَالْمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (1965)، ومسلم (1103).

فقه الحديث:

مسألة: حكم الوصال في الصوم([1]):

المراد بالوصال: متابعة الصوم دون إفطار، فيصوم المسلم - مثلًا - يومين دون أن يفطر بينهما في الليل.

وقد اختلف العلماء في حكمه:

القول الأول: يكره الوصال ولا يحرم، فقد واصل النبي H بالصحابة يومين، كما في حديث أبي هريرة I، وأراد الزيادة في الوصال لو لا ظهور هلال شوال، ولو كان الوصال محرمًا لَمَا وافق النبي H أن يواصل بهم، ولَمَا قدم الصحابة على فعل محرم، فيكون النهي عنه للكراهة فقط، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وهو المشهور عند المالكية.

القول الثاني: الوصال محرم على أمة محمد H؛ فهو خاص به، فقد نهى النبي H عن الوصال، وهو نهي للتحريم؛ حيث لا صارف له إلى الكراهة، وقد ثبت هذا النهي عنه عن عدة من الصحابة كأبي هريرة وعائشة وابن عمر M، وحديثهم في الصحيحين، وأنس I حديثه في البخاري.

وأما مواصلته بهم بعد نهيه؛ فلم يكن تقريرًا لهم، بل تنكيلًا وتقريعًا، قال: «كَالمُنَكِّلِ لَهُمْ حِينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهُوا»، حتى يعقلوا العلة من النهي، فيكون أبلغ في الزجر، لأنهم إذا باشروه ظهرت لهم حكمة النهي والمفسدة المترتبة على الوصال من الملل في العبادة والضعف والتفريط في الحقوق ففعله لمصلحة، وهذا كإقراره للأعرابي في البول في المسجد لمصلحة التأليف له وخشية الضرر عليه، لا إقرارًا له.

وهو مذهب الظاهرية، والأصح عند الشافعية، وقول للمالكية، وهو الأرجح، والله أعلم.

 

([1]) المغني (4/436)، المحلى مسألة (797)، شرح مسلم (7/183)، فتح الباري (4/720)، زاد المعاد (2/35)، حاشية ابن عابدين (3/302)، حاشية الدسوقي (2/540).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=785