2024/12/23
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ; أَنَّ النَّبِيَّ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ, وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ L; أَنَّ النَّبِيَّ H احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ, وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(666) 17- وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ L: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H أَتَى عَلَى رَجُلٍ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ يَحْتَجِمُ فِي رَمَضَانَ. فَقَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا التِّرْمِذِيَّ, وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ, وَابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ حِبَّانَ.

(667) 18- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ L قَالَ: أَوَّلُ مَا كُرِهَتِ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ; أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ اِحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ, فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ H فَقَالَ: «أَفْطَرَ هَذَانِ»، ثُمَّ رَخَّصَ النَّبِيُّ H بَعْدُ فِي الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ, وَكَانَ أَنَسٌ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَوَّاهُ.


تخريج الأحاديث:

حديث ابن عباس L: روا ه البخاري (1937)، وقد أعله بعض الأئمة بأن ذكر احتجام النبي H وهو صائم لا يثبت، وإنما يثبت: «أَنَّ النَّبِيَّ H اِحْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ»، وقد أخرجه البخاري من طريق سالمة من الإعلال، لهذا قال الحافظ ابن حجر: «الحديث صحيح لا مرية فيه([1])» ا.هـ.

حديث شداد بن أوس I: رواه أحمد (4/123)، وأبو داود (2369)، والنسائي في الكبرى (3126)، وابن ماجه (1681)، وإسناده صحيح.

حديث أنس بن مالك I: رواه الدارقطني (2/182) وقال: «رجاله ثقات لا أعلم له علة» ا.هـ، وليس كما قال، ففي إسناده من هو متكلم فيه، لهذا ضعف هذا الحديث بعض العلماء، كابن تيمية وابن حجر، وهو الأصح([2]).

فقه الأحاديث:

مسألة: الحجامة للصائم([3]):

اختلف العلماء في فساد الصوم بالحجامة:

القول الأول: لا يفسد الصوم بالحجامة، وهو مذهب جمهور أهل العلم، فقد احتجم النبي H وهو صائم، وأما حديث: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ»، فيجاب عليه بالآتي:

  1. أنه منسوخ، فقد كان احتجام النبي H وهو صائم في حجة الوداع، فهذا آخر الأمر منه، وقد ذكر أنس رضي الله عنه أن الحجامة كانت مكروهة أولًا، ثم رخص النبي H فيها للصائم.
  2. أن الحجامة للصائم مكروهة ولا تفسد الصوم، فمعنى «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ»: أي: عرضا صومهما للإفطار، فالمحجوم ربما ضعف بسبب إخراج الدم منه، فيحتاج للإفطار، والحاجم ربما ابتلع شيئًا من الدم عند الحجامة فيفسد صومه، وقد روى البخاري عن ثابت البناني قال: «سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ I: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟ قَالَ: لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»، وجاء عن أبي سعيد الخدري I قال: «إِنَّمَا كُرِهْتُ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ مَخَافَةَ الضَّعْفِ»، رواه ابن خزيمة (1971) بإسناد صحيح وله حكم الرفع، وروى أحمد (4/314)، وأبو داود (2474) عن رجل من الصحابة I: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H نَهَى عَنِ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا»، وإسناده صحيح، فهي منهي عنها للكراهة.

القول الثاني: أن الحجامة تبطل الصوم، وهو مذهب الحنابلة وغيرهم، فقد قال النبي H: «أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ»، فهذا نص صريح بأن صومهما فسد بسبب الحجامة. وأما ما جاء أن النبي H احتجم وهو صائم؛ فلا يثبت؛ فقد أعله بعض الأئمة. وحديث أنس I رخص النبي H بعد في الحجامة للصائم؛ إسناده ضعيف، وما جاء عن أنس وأبي سعيد والصحابي المبهم M، هذا من قولهم، واجتهادهم وليس من قول النبي H.

قلت: كلا القولين قوي، ومذهب الجمهور أقوى، والأحوط للصائم ترك الحجامة

 

([1]) فتح الباري (4/686).

([2]) حقيقة الصيام لابن تيمية (ص/70)، فتح الباري (4/685).

([3]) المغني (4/350)، المجموع شرح المهذب (6/349)، كتاب الصيام من شرح العمدة لابن تيمية (1/406)، فتح الباري (4/683)، الشرح الممتع (6/378).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=788