2024/12/23
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ أَنْ نَصُومَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ, وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ L قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ H أَنْ نَصُومَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ: ثَلَاثَ عَشْرَةَ, وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ, وَالتِّرْمِذِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

تخريج الحديث:

حديث أبي ذر I: رواه أحمد (5/150)، والنسائي (4/222)، والترمذي (761) وغيرهم، وقد اختلف في إسناده، والأرجح فيه أنه عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر I به، وابن الحوتكية مجهول العين، ولهذا الحديث شواهد بمعناه، فقد جاء من حديث جرير بن عبد الله وقتادة بن ملحان وابن عباس M، رواها النسائي (4/199-222) وغيره، وكلها لا تخلو من ضعف، والحديث بمجموع هذه الطرق حسن لغيره على أقل أحواله، والله أعلم.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: صيام الأيام البيض([1]):

يستحب صيام الأيام البيض، وهي ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر من كل شهر، وهو مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة، فقد جاء أن الرسول H أمر بصيامه من كل شهر، والأمر هنا للاستحباب، فلم يقل أحد بوجوب صيامها.

وسميت بيضاء؛ لبياض لياليها كلها باكتمال القمر، فيكون التقدير: أيام ليالي البيض، وقد روى مسلم عن معاذة: «أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ J: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ H يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟، قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ، قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ»، ففيه: أن النبي H لم يكن يتعمد صيام هذه الأيام البيض الثلاثة، فلعله إنما كان يصومها أحيانًا، ويصوم غيرها أحيانًا؛ ليبين الجواز، وأن الأمر فيها واسع، ولعله كان يعرض له ما يشغله عن مداومة الصيام في هذه الأيام البيض.

المسألة الثانية: صيام ثلاثة أيام من كل شهر دون تعيين([2]):

يستحب ذلك بلا خلاف نعلمه عن أحد من أهل العلم، فقد كان النبي H يتحرى صيام ثلاثة أيام من كل شهر، كما في حديث عائشة J، وأوصى بعضَ الصحابة بصيامها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة I قال: «أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ لَا أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ، صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ». ولما في صيامه من الفضل؛ ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو L قال: قال رسول الله H: «صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ صَوْمُ الدَّهْرِ كُلِّهِ»، وروى احمد (5/77) وغيره عن رجل من الصحابة قال: قال رسول الله H: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبرِ، وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، يُذْهِبنَ وَحَرَ الصَّدْرِ»، وإسناده صحيح.

و«وَحَرَ الصَّدْرِ» قيل: حسده وحقده. وقيل: ضيقه. وقيل: وساوسه.

وقيل غير ذلك.

 

([1]) المجموع شرح المهذب (6/385)، كتاب الصيام من شرح العمدة (2/587)، فتح الباري (4/748).

([2]) انظر المراجع السابقة، والمحلى مسألة (791).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=801