وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ L أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ H قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَاسْتَنْكَرَهُ أَحْمَدُ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه أحمد (2/442)، وأبو داود (2336)، والنسائي في الكبرى (2923)، والترمذي (738)، وابن ماجه (1651)، وقد استنكره بعض الحفاظ كأحمد وابن مهدي وابن معين وأبي زرعة؛ لمخالفته الأحاديث المتكاثرة في إثبات صيام النصف الثاني من شعبان، وصححه بعض أهل العلم؛ مشيًا على ظاهر السند، منهم الترمذي وابن حبان والطحاوي وابن عبد البر وابن القطان الفاسي([1])، وهو الأقرب، والله أعلم.
فالنكارة المذكورة يمكن الجواب عليها - كما سيأتي عند الكلام على فقه هذا الحديث -؛ فلا يبقى تعارض بينه وبين غيره من الأحاديث.
فقه الحديث:
اختلف العلماء في هذه المسألة:
القول الأول: لا يكره صوم النصف الثاني من شعبان مطلقًا، وحديث «إِذَا اِنْتَصَفَ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا» ضعيف، وهو مذهب جمهور أهل العلم.
القول الثاني: يكره صيام النصف الثاني من شعبان في حالات، ولا يكره صومه في حالات أخرى، وهو الصحيح عند الشافعية، وقول بعض الحنفية ورواية للحنابلة، واختاره الشيخ ابن باز([3])؛ جمعًا بين حديث أبي هريرة I: «إِذَا اِنْتَصَفَ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا»، وبين بقية الأدلة التي تدل على مشروعية الصوم في النصف الثاني من شعبان، وجمعوا بينهما بالآتي:
وهذا القول هو الأرجح بناء على ثبوت حديث: «إِذَا اِنْتَصَفَ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا».
([1]) الاستذكار (10/239)، تهذيب السنن مع عون المعبود (6/330)، لطائف المعارف لابن رجب (ص/320).
([2]) المجموع شرح المهذب (6/40)، المغني (4/327)، كتاب الصيام من شرح العمدة (2/148)، فتح الباري (4/625)، الإنصاف (3/348).
([3]) فتاواه (15/385).