وَعَن عائشة قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ H لَيُدْخِلُ عَلَيَّ رَأْسَهُ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ - فَأُرَجِّلُهُ, وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةٍ, إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
تخريج الحديث:
حديث عائشة J: رواه البخاري (2029)، ومسلم (297)، واللفظ لهما.
فقه الحديث:
أجمع العلماء على جواز خروج المعتكِف من المعتكَف للبول والغائط، فقد قالت عائشة J: «وَكَانَ لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسِانِ، إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا».
لا يجوز للمعتكف الخروج للأكل والشرب، لأن النبي H «كَانَ لَا يَدْخُلُ البَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسِانِ، إِذَا كَانَ مُعْتَكِفًا» كما ذكرته عائشة J، وهذا كناية عن البول الغائط، ولأن الاعتكاف لبث ولزوم في المسجد لأجل العبادة، فلا يخرج منه إلا لما لا بد منه، والأكل والشرب يمكن إرسالهما إلى المسجد، فالخروج لأجلهما خروج لما له منه بد، وليس بضرورة.
وإذا لم يكن معه من يأتي له بالمأكول والمشروب؛ جاز له الخروج للإتيان بهما، فتكون ضرورة، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، والمشهور عند الحنابلة، وقول للشافعية، وهو الراجح.
له حالتان:
الأولى: المباشرة في الفرج.
أجمع العلماء على أن المعتكف إذا جامع امرأته ذاكرًا للاعتكاف عالمًا بالنهي؛ أنه يبطل اعتكافه، سواء حصل هذا في المسجد أو عند خروجه لقضاء الحاجة، لقوله : ﴿ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِ ﴾ [البقرة: ١٨٧].
الثانية: المباشر دون الفرج، كالقبلة والمداعبة.
مذهب الحنفية والحنابلة، والأصح عند الشافعية: أن الاعتكاف لا يبطل، فقوله : ﴿ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ وَأَنتُمۡ عَٰكِفُونَ فِي ٱلۡمَسَٰجِدِ ﴾ [البقرة: ١٨٧]، المراد بالمباشرة هنا: الجماع خاصة، فقد روى البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس L أنه سئل عن قوله : ﴿ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ ﴾ فقال: «المباشرة والمسح والملامسة جماع كله، والله يكني ما شاء بما يشاء». وقد أجمع العلماء على أن المراد بقوله للصائمين: ﴿ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ ﴾ [البقرة: ١٨٧]، هو الجماع، فكذلك هنا في قوله للمعتكفين: ﴿ وَلَا تُبَٰشِرُوهُنَّ ﴾، فلا يبطل الاعتكاف بالقبلة والمعانقة واللمس بشهوة، وهو الراجح.
([1]) المغني (4/466)، فتح الباري (8/808).
([2]) المجموع شرح المهذب (6/505)، المغني (4/468)، فتح باب العناية (1/596).
([3]) المجموع شرح المهذب (6/524)، المغني (4/473)، طرح التثريب (4/176)، تفسير البغوي (1/201)، تفسير الثعالبي (2/83).