عَنِ ابْنِ عُمَرَ L قَالَ: مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ H إِلَّا مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عمر L: رواه البخاري (1549)، ومسلم (1184).
فقه الحديث:
أجمع العلماء على أن الإحرام للنسك لا يكون إلا بنية للحج أو للعمرة أو لهما؛ لقوله H: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».
واختلفوا في التلفظ بالإحرام بأن يقول: «لبيك اللهم بحج أو عمرة أو بهما»، فقال بعضهم: لا يكفي للإحرام النية المجردة، فلابد من التلبية عند الإحرام، وهي ركن لا يصح النسك إلا بها، كالصلاة لا تصح إلا بالتكبير للإحرام، وهو مذهب الظاهرية.
وقال بعضهم: تجب التلبية بالحج أو بالعمرة - أو بهما - عند الإحرام، ومن تركها أثم، ولا يبطل نسكه، وهو المشهور عند المالكية، وقول للشافعية.
وقال بعض أهل العلم: التلبية بالنسك عند الإحرام سنة مؤكدة وليست واجبة، فالإحرام ينعقد بالنية دون التلبية، ولا دليل على وجوبها، إنما هي فعل النبي H والصحابة M معه، وهذا هو الأرجح، وهو الصحيح عند الشافعية والحنابلة.
اتفق العلماء على جواز الإحرام للنسك من مكان الإحرام بأي وقت، وإنما اختلفوا في الأفضل؛ فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن الأفضل أن يكون الإهلال بالنسك بعد الخروج من المسجد إذا استوى على راحلته عند ابتداء السير، لأن هذا الذي فعله النبي H، قال ابن عمر L: «مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ H إِلَّا مِنْ عِنْدِ المَسْجِدِ»، وفي رواية له في الصحيحين: «حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُه»، وبنحوه من حديث أنس وجابر L في البخاري.
ومذهب الحنفية، والمشهور عند الحنابلة، ووجه للشافعية: الأفضل عقب الصلاة مباشرة في المسجد؛ لما رواه أبو داود (1767) عن ابن عباس قال: «صَلَّى رسول الله H فِى مَسْجِدِهِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَ فِى مَجْلِسِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ» وإسناده ضعيف.
([1]) بداية المجتهد (1/337)، المحلى مسألة (826)، المغني (5/100)، المجموع شرح المهذب (7/224)، فتح الباري (4/190)، الإنصاف (3/431).
([2]) المجموع شرح المهذب (7/221)، الاستذكار (11/97)، المغني (5/80)، فتح الباري (4/181)، الإنصاف (3/433).