وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ فِي الثَّقَلِ, أَوْ قَالَ فِي الضَّعَفَةِ مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ.
(755) 14- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتَأْذَنَتْ سَوْدَةُ رَسُولَ اللَّهِ لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ: أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَهُ, وَكَانَتْ ثَبِطَةً - تَعْنِي: ثَقِيلَةً - فَأَذِنَ لَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
تخريج الحديثين:
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (1678)، ومسلم (1293).
حديث عائشة J: رواه البخاري (1680)، ومسلم (1290).
فقه الحديثين:
لا بأس بتقديم النساء والضعفة كالأطفال والمرضى وكبار السن من المزدلفة بليل قبل الفجر، فقد أذن لهم النبي H بذلك، فبعث رسول الله H ابن عباس L في الضعفة من جمع -وهي المزدلفة- بليل، وأذن لسودة J أن تنفر ليلة المزدلفة، وهذا مما لا يعلم فيه خلاف.
وإنما اختلفوا في الوقت من الليل الذي يدفع فيه هؤلاء من المزدلفة:
القول الأول: الصحيح عند الشافعية والحنابلة، وقول للمالكية: أن لهم أن يدفعوا من المزدلفة نصف الليل.
القول الثاني: قول للشافعية، ورواية لأحمد، وقول بعض المالكية، والذي اختاره ابن القيم وابن عثيمين، ومشى عليه ابن تيمية في ”مناسكه“: أنهم يدفعون من المزدلفة في الثلث الأخير من الليل، لأنه يكون قد ذهب معظم الليل، فيقوم مقام الكل، وفي الصحيحين عن أسماء J: «أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟... قُلْت: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا،... قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ H أَذِنَ لِلظُّعُنِ»، وهن النساء، فكانت أسماء J تنتظر حتى يغيب القمر، ثم تنفر من المزدلفة، والقمر لا يغيب إلا ثلثي الليل.
وهذا القول هو الأرجح، وقال ابن القيم V: «ولا نعلم لمن قال بالدفع في نصف الليل دليلًا».
ويجوز لمرافقيهم الدفع بليل كذلك، كمحرم لمرأة، وكولي أمر الطفل، وكالخادم للمريض والكبير، وسيأتي الكلام على القادر على البقاء وليس مرافقًا لأصحاب الأعذار.
([1]) المغني (5/284)، شرح مسلم (9/33)، فتح الباري (4/342)، زاد المعاد (4/252)، الشرح الممتع (7/339).