2024/12/24
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ  قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ : «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ». رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلَّا النَّسَائِيَّ, وَفِيهِ انْقِطَاعٌ.

(757) 16- وَعَنْ عَائِشَةَ  قَالَتْ: أَرْسَلَ النَّبِيُّ  بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ, فَرَمَتِ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ, ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

تخريج الحديثين:

حديث ابن عباس L: رواه أحمد (1/234)، وأبو داود (1939)، والنسائي (5/272)، وابن ماجه (3025)، وقد أخطأ المصنف باستثناء النسائي، والحديث عن الحسن العُرَني عن ابن عباس L ولم يسمع منه.

وله طريق أخرى: رواها أحمد (1/326)، والترمذي (893)، وفيها انقطاع كذلك.

وطريق ثالثة: رواها أبو داود والنسائي، وفيها عنعنة مدلس، وهذا الحديث يمكن أن يرتقي للحسن، إلا أنه قد جاء عن ابن عباس L من طرق صحيحة في إرسال النبي H له مع الضعفة من المزدلفة بليل، وليس فيها أنه نهاهم عن رمي الجمرة حتى تطلع الشمس، وأحد هذه الطرق في الصحيحين، وأخرى في البخاري، وثالثة في مسلم، فعلى هذا يكون اللفظ المذكور في الكتاب شاذًّا([1]).

حديث عائشة J: رواه أبو داود (1940) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة J، ورجال إسناده رجال مسلم، لكن قد روي هذا الحديث عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلًا، قال الدارقطني: وهو الصحيح([2])، وهو كما قال، وأنكر هذا الحديث الإمام أحمد وغيره([3]).

فقه الحديثين:

مسألة: وقت رمي الحاج جمرة العقبة الكبرى([4]):

الحجاج على نوعين:

النوع الأول: النساء والضعفة.

وقد اختلف العلماء في الوقت الذي يجوز لهؤلاء أن يرموا الجمرة؛ فقالت الحنفية والمالكية: وهو رواية لأحمد: يجوز لهم الرمي قبل طلوع الشمس وبعد طلوع الفجر، ومن رماها قبل طلوع الفجر لم يصح منه، وعليه الإعادة؛ لما جاء في الصحيحين عن ابن عمر L أنه «كَانَ يُقَدِّمُ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ،... فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ مِنًى لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقْدَمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِذَا قَدِمُوا رَمَوْا الْجَمْرَةَ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ L يَقُولُ: أَرْخَصَ فِي أُولَئِكَ رَسُولُ اللَّهِ».

وذهب جماعة من السلف، وجماعة من المحققين، وهو مذهب الشافعية، والمشهور عند الحنابلة: أنه يجوز لهؤلاء أن يرموا الجمرة من الليل من وقت الدفع من المزدلفة، ففي الصحيحين عن أسماء J: «أَنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَةَ جَمْعٍ عِنْدَ الْمُزْدَلِفَةِ، فَقَامَتْ تُصَلِّي، فَصَلَّتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، هَلْ غَابَ الْقَمَرُ؟... قُلْت: نَعَمْ، قَالَتْ: فَارْتَحِلُوا، فَارْتَحَلْنَا وَمَضَيْنَا حَتَّى رَمَتِ الْجَمْرَةَ،... قَالَتْ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ H أَذِنَ لِلظُّعُنِ»، أي: للنساء، و«أَرْسَلَ النَّبِيُّ H بِأُمِّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ، فَرَمَتِ الجَمْرَةَ قَبْلَ الفَجْرِ»، ورد أصحاب هذين القولين على حديث ابن عباس L الذي فيه: «لَا تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»، بأنه ضعيف أو يحمل على الاستحباب.

وذهب بعض السلف والظاهرية إلى أنه لا يجوز لهؤلاء الرمي إلا بعد طلوع الشمس؛ لحديث ابن عباس L. وما جاء عن ابن عمر وأسماء M؛ فهو من اجتهادهما فلا حجة فيه.

والأرجح: أنه يجوز لهم الرمي قبل طلوع الشمس ومن الليل؛ لما جاء من حديث ابن عمر وأسماء M، فهما مرفوعان إلى النبي H، والأفضل الرمي بعد الفجر.

النوع الثاني: الرجال الأقوياء.

وقد اختلف العلماء في وقت رمي الجمرة لهؤلاء؛ فقال جمهور أهل العلم: يجوز لهم أن يرموا الجمرة قبل طلوع الشمس، لأنه لو كان الرمي قبل طلوع الشمس حرامًا؛ لما رخص فيه للنساء والضعفة، واختاره ابن باز وابن عثيمين وقالا: «الأحوط لهم تأخيره([5])».

وذهب بعض السلف والظاهرية، وجماعة من المحققين، كابن القيم والصنعاني والشوكاني والألباني([6]): إلى أنه لا يجوز للرجال الأقوياء أن يرموا العقبة يوم النحر إلا بعد طلوع الشمس، فقد أذن النبي H ورخص للضعفاء والنساء بالرمي قبل طلوع الشمس، وهذا لا يكون إلا عن واجب لازم، وإلا فالمستحب لا يحتاج إلى الرخصة والإذن، لأنه للأفضل فقط، ولم يرم النبي H إلا بعد طلوع الشمس، وهو الأرجح، إلا من خشي على نفسه الضرر، بسبب الزحام الذي يغلب على الظن وقوع الضرر منه، فله أن يرمي قبل ذلك؛ قياسًا على الضعفاء والنساء، كما ذكره بعض أهل العلم([7]).

 

([1]) صحيح ابن خزيمة (4/280)، منحة العلام (5/303).

([2]) علله (15/51).

([3]) زاد المعاد (2/249).

([4]) المجموع شرح المهذب (8/151، 180)، المغني (5/294)، المحلى (7/135)، فتح الباري (4/344)، زاد المعاد (2/252)، سبل السلام (2/208)، السيل الجرار (2/204).

([5]) فتاوى ابن باز (17/294)، فتاوى ابن عثيمين (24/158).

([6]) الإرواء (4/276).

([7]) نوازل الحج، د/ الشلعان (ص/489).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=858