2024/12/24
عَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ  اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ  أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى, مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ, فَأَذِنَ لَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ الْعَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ  اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ  أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى, مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ, فَأَذِنَ لَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(771) 29- وَعَنْ عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  أَرْخَصَ لِرُعَاة الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى, يَرْمُونَ يَوْمَ النَّحْرِ, ثُمَّ يَرْمُونَ الْغَدِ لِيَوْمَيْنِ, ثُمَّ يَرْمُونَ يَوْمَ النَّفْرِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَابْنُ حِبَّانَ.

تخريج الحديثين:

حديث ابن عمر L: رواه البخاري (1745)، ومسلم (1315).

وحديث عاصم بن عدي I: رواه أحمد (5/450)، وأبو داود (1974)، والنسائي (5/273)، والترمذي (955)، وابن ماجه (3036)، وسنده صحيح.

فقه الحديثين:

المسألة الأولى: حكم المبيت بمنى ليلة الحادي عشر والثاني عشر([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن المبيت بمنى في هذه الليالي واجب، من تركه عمدًا لغير عذر أثم، لأن النبي H رخص للعباس I بالمبيت في مكة في هذه الليالي؛ لأجل السقاية، لأنه كان يسقي الحجاج من ماء زمزم، ورخص لرعاة الإبل الذين يرعون إبل الحجاج بالمبيت خارج منى لعذرهم هذا، كما في حديث عاصم بن عدي I.

والتعبير بالرخصة يقتضي أن مقابلها عزيمة، وأن الإثم رفع للسبب المذكور، فلو لم يوجد هذا السبب؛ لما حصل الإذن والترخيص.

وقد اتفق العلماء على أن المبيت بمنى يحصل لكل من وجد في منى معظم الليل.

ومن فاته المبيت في منى بسبب توقف السير، أو الازدحام، أو لم يجد له مكانًا فيها؛ فلا شيء عليه، لأن معه عذرًا، كما قاله بعض أهل العلم.

ومذهب الحنفية وابن حزم، وقول للشافعي، ورواية لأحمد: أن المبيت في منى مستحب لا واجب؛ لأنه قد حل من حجه بعد الطواف التحلل الأكبر.

المسألة الثانية: حكم رمي جمرات منى([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن رمي الجمرات الثلاث في اليوم الحادي عشر والثاني عشر واجب، من تركه عمدًا لغير عذر أثم، فقد رخص النبي H لرعاة الإبل أن يرموا في يوم لليومين، لانشغالهم برعي إبل الحجاج.

فلو كان الرمي مستحبًّا؛ لما احتاجوا للرخصة، ولَسقَط عنهم الرمي ما دام أن يومه قد فات.

المسألة الثالثة: الرمي عن يومين أو ثلاثة بيوم واحد([3]):

الصحيح عند الشافعية، ومذهب الحنابلة، وبعض الحنفية: أنه يجوز للحاج - ولو لغير عذر - أن يرمي اليوم الثاني من أيام التشريق عن اليوم الأول والثاني، وأن يرمي في اليوم الثالث عن اليوم الأول والثاني والثالث؛ لترخيص النبي H في هذا لرعاة الإبل، كما في حديث عاصم بن عدي I، ومن فعله لغير عذر خالف السنة ولا يأثم، فالرمي لكل يوم في يومه مستحب.

ومذهب المالكية، والصحيح عند الحنفية، وقول للشافعية: أنه لا يجوز للحاج أن يترك رمي كل يوم في يومه، فرمي كل يوم مستقل بنفسه، فترخيص النبي H بذلك للرعاة يدل على عدم جوازه لغيرهم، والنبي H رمى كل يوم في يومه، واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين، وهو الأظهر، وكذلك يرخص لمن شق عليه أن يرمي عن كل يوم في يومه، بسبب شدة الزحام أو مرض أو بعد مسافة، كما رخص للرعاة لدفع المشقة عنهم، ثم الرمي يكون بالترتيب، يبدأ بالرمي عن اليوم الأول ثم الثاني.

المسألة الرابعة: الصبي والعاجز عن الرمي([4]):

أجمع العلماء على جواز الرمي عن الصبي إذا حج.

والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن العاجز عن الرمي لمرض أو غيره له أن يوكل غيره ليرمي عنه، قياسًا على الصبي، فقد كان الصحابة يرمون عن الصبيان، ولأن النيابة في الحج كاملًا تجوز عن العاجز، فتكون جائزة عنه في بعض أعمال الحج من باب أولى، وعلى الناس الحذر من التوسع في هذا، فمن لم يستطع أن يرمي نهارًا فليرمي ليلًا إذا استطاع، ولا يوكل غيره، ومن استطاع أن يجمع رمي يومين أو ثلاثة في يوم واحد؛ فليفعل، ولا يوكل غيره.

المسألة الخامسة: النفر من منى([5]):

أجمع العلماء على أن النفر من منى في اليوم الثالث من أيام التشريق -وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة- هو الأفضل.

وأجمعوا على جواز التعجيل في النفر من منى، فينفر الحاج في اليوم الثاني من أيام التشريق، وهو اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، بعد أن يرمي وقبل غروب الشمس، قال الله : ﴿ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَآ إِثۡمَ عَلَيۡهِ [البقرة: ٢٠٣]، وروى الخمسة بإسناد صحيح ـ سبق تخريجه ـ عن عبد الرحمن بن يعمر I قال: قال رسول الله H: «أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ، فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»، وإذا غربت شمس اليوم الثاني والحاج في منى؛ فالصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه لا يجوز له النفر حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث، لقوله تعالى: ﴿ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوۡمَيۡنِ [البقرة: ٢٠٣]، واليوم اسم للنهار دون الليل، فمن أدركه الليل، فلم يتعجل في اليومين، وثبت هذا عن عمر وابنه L.

ولو نفر ورمى وخرج من منى قبل أن تغرب الشمس، فتذكر شيئًا في منى، فرجع له بعد أن غربت الشمس؛ فلا يضره، لأنه قد نفر قبل أن تغرب الشمس، كما قاله بعض العلماء([6]).

 

([1]) المغني (5/324)، شرح مسلم (9/53)، المحلى مسألة (846)، فتح الباري (4/408)، نوازل الحج، د/ الشلعان (ص/473).

([2]) بداية المجتهد (1/354)، المجموع شرح المهذب (8/280)، والمراجع السابقة.

([3]) المغني (5/333)، بداية المجتهد (1/351)، المنتقى للباجي (3/52)، الحاوي الكبير (4/196)، المجموع شرح المهذب (8/240)، منحة العلام (5/344)، فتح ذي الجلال والإكرام (8/306).

([4]) المجموع شرح المهذب (8/283)، المنتقى للباجي (3/50)، فتح ذي الجلال والإكرام (8/306، 308).

([5]) المغني (5/332)، المحلى مسألة (847)، المجموع شرح المهذب (8/283)، مناسك الحج للألباني (ص/40).

([6]) فتاوى اللجنة الدائمة (11/290)، مجموع فتاوى ابن عثيمين (24/356).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=868