2024/12/25
عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ, فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ, فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَمَالِكٌ: مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلًا بِلَفْظِ: «أَيُّمَا رَجُلٌ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ, وَلَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا, فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ, فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ, وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ».

وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ, وَضَعَّفَهُ تَبَعًا لِأَبِي دَاوُدَ.

(868) 02- وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ: مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ قَالَ: أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَفْلَسَ, فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ فِيكُمْ بِقَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ H: «مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ». وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ, وَضَعَّفَ أَبُو دَاوُدَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي ذِكْرِ الْمَوْتِ.

تخريج الحديث:

حديث أبي هريرة I: باللفظ الأول: رواه البخاري (2402)، ومسلم (1559).

وباللفظ الثاني: رواه مالك في الموطأ (1/678)، وعبد الرزاق (8/264)، وأبو داود (3520)، والدارقطني (3/30)، والبيهقي (6/47)، روي متصلًا عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة I، وروي مرسلًا عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن، قال المصنف في «فتح الباري([1])»: «المشهور إرساله»، وهو كما قال.

واللفظ الثالث: رواه أبو داود (3523)، وابن ماجه (2360)، والدارقطني (3/29)، والحاكم (2/50)، والبيهقي (6/46)، وإسناده ضعيف، فيه أبو المعتمر ابن عمرو، مجهول العين.

فقه الحديث:

المسألة الأولى: من وجد متاعه بعينه عند مفلس ولم يقبض من ثمنه شيئًا([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء وعامة أهل الحديث: أن من وجد عند مفلس متاعه الذي أخذه منه ببيع أو قرض؛ فصاحبه أحق به، فيرجع فيه وينفسخ عقد البيع أو القرض، فقد قال H: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ»، وهذا حديث صحيح أخرجه صاحبا الصحيحين، ولا حجة لمن أعله، فيعمل به.

ولفظه عام؛ فيشمل المال الذي أخذ بوديعة أو أمانة أو استعارة، والذي أخذ ببيع أو قرض.

وقد جاء في بعض الروايات بيان أن هذا المال مبيع، ففي صحيح مسلم قال: «إِذَا وُجِدَ عِنْدَهُ الْمَتَاعُ، وَلَمْ يُفَرِّقْهُ أَنَّهُ لِصَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ»، وروى عبد الرزاق (8/264)، وابن حبان (5037) والدارقطني (3/29)، والبيهقي (6/45) عن أبي هريرة I قال: قال رسول الله H: «إِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ ثُمَّ أَفْلَسَ وَهِيَ عِنْدَهُ... الحديث»، وإسناده صحيح على شرط مسلم.

المسألة الثانية: إذا وجد متاعه عند المفلس وقد تغير عن هيئته الأولى([3]):

إذا وجد متاعه وقد تغير بعمل فيه، كحب قد طحِن، أو غزل قد نسِج، أو خشب قد نجِر؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه لا يرجع في البيع، ففي الحديث: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ»، أي: وجده ولم يتغير ولم يتبدل، وعليه يقتسمه مع بقية الغرماء بالسوية.

وكذلك عند جمهور العلماء: إذا وجده وقد تلف جزء منه، كدار باعها له فانهدم بعضها؛ فإنه يقسم مع الغرماء بحسب دينه، وليس له الرجوع في البعض الذي لم يتلف والمحاصصة في البعض الآخر.

وإذا وجده وقد زاد بزيادة متصلة، إما ممزوجة فيه كالسِمن وتعلم الصناعة أو الكتابة، وإما غير ممزوجة فيه كأرض وجدها وقد بنى عليها أو زرعها؛ فالصحيح من أقوال أهل العلم: أنه ليس له الرجوع في المبيع ولا ينفسخ البيع، ويحاصص الغرماء، فماله هنا ليس بعينه، وإنما مع زيادة، وفي الرجوع فيه ضرر على المفلس وبقية الغرماء، وهذا هو الصحيح عند الحنابلة، ووجه للشافعية.

وإذا وجد المبيع وقد نقص لذهاب بعض صفاته، مع بقاء عينه، كالهزال أو المرض أو البِلى؛ فالصحيح أنه مخير بين أخذه ناقصًا، وبين أن يساهم مع الغرماء بجميع الثمن، فقد وجده بعينه فله أخذه، ولنقصانه جاز له تركه والمحاصصة مع الغرماء، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة.

المسألة الثالثة: من وجد ماله بعينه عند من أفلس وكان قد قبض شيئًا من ثمنه([4]):

فيها خلاف بين العلماء، والصحيح: أن البائع لا يرجع فيه ولا ينفسخ البيع، وإنما يقسم له مع بقية الغرماء بحسب دينه، فهو أسوة الغرماء، فقد جاء عن النبي H أنه قال: «أَيُّمَا رَجُلٌ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الذِي اِبْتَاعَهُ، وَلَمْ يَقْبِضِ الذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ مَاتَ المُشْتَرِي فَصَاحِبُ المَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ»، فجوز له الرجوع في متاعه إذا كان لم يقبض من ثمنه شيئًا، يفهم منه: أنه إذا كان قبض من ثمنه شيئًا أنه لا يرجع فيه. وهذا الحديث الصحيح فيه الإرسال كما سبق، إلا أن له شواهد يثبت بها - إن
شاء الله -، وهي:

  1. ما رواه الإمام أحمد (2/525) عن الحسن البصري عن أبي هريرة I مرفوعًا بنحوه، ورجاله ثقات، ولم يسمع الحسن من أبي هريرة I.
  2. ما رواه عبد الرزاق (8/266) عن ابن أبي مليكة عن رسول الله H بنحوه، وهو مرسل صحيح.
  3. ثبت عن عثمان بن عفان I قضاء منه بنحوه، رواه البخاري معلقًا بالجزم (5/343)، ووصله البيهقي (6/46) وإسناده حسن.

وقد حكم الشيخ الألباني على هذا اللفظ بأنه صحيح لغيره بشواهده([5]).

وهذا مذهب الحنابلة، ورواية للشافعية، وذهب إليه جماعة من السلف، ونقله الحافظ ابن حجر عن جمهور العلماء.

المسألة الرابعة: إذا مات المشتري قبل دفع ثمن المبيع([6]):

فيه حالتان:

الحالة الأولى: إذا مات المشتري وتبين أنه مفلس.

الصحيح من أقوال أهل العلم: أن للبائع الرجوع فيه إذا وجده بعينه، فقد ثبت عن النبي H أنه قال: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ»، وهذا لفظ عام يشمل المفلس الحي والميت، ولا دليل على التفريق بينهما، فالإفلاس سبب لاستحقاق الفسخ والرجوع في البيع، فجاز بعد موت المفلس.

وهذا مذهب الشافعية، واختاره ابن حزم، ونقله عن جمهور العلماء.

الحالة الثانية: إذا مات المشتري ولم يكن مفلسًا.

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه ليس للبائع الرجوع في البيع، ولا ينفسخ البيع في هذه الحالة؛ لأن الأصل المجمع عليه: أن من اشترى شيئًا صار ملكًا له، ولو لم يدفع الثمن، وأما حديث: «مَنْ أَفْلَسَ أَوْ مَاتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فهو حديث ضعيف - كما سبق -. وعليه: يحاسب الورثة، فإن شاؤوا ردوا له المبيع، وإن شاؤوا أبقوه وأعطوا البائع ثمنه.

 

([1]) (5/344).

([2]) شرح مسلم (10/187)، بداية المجتهد (2/287)، التمهيد لابن عبد البر (8/413)، المغني (6/538)، فتح الباري (5/344).

([3]) المغني (6/543-550)، المحلى مسألة (1283)، الاستذكار (21/27)، فتح الباري (5/344)، الإنصاف (5/287).

([4]) التمهيد (8/414)، المغني (6/561)، مصنف عبد الرزاق (8/264)، فتح الباري (5/344).

([5]) الإرواء (1442).

([6]) المغني (6/589)، المحلى مسألة (1283)، بداية المجتهد (2/288)، فتح الباري (5/344)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4536).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=937