وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ Lقَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ... الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(890) 07- وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ نَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ, وَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَذْبَحَ الْبَاقِيَ... الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(891) 08- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الْعَسِيفِ. قَالَ النَّبِيُّ : «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا, فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا... » الْحَدِيثَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الأحاديث:
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (1468)، ومسلم (983).
حديث جابر I: رواه مسلم (1218).
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (2724)، ومسلم (1697).
فقه الأحاديث:
تصح من الموكل بقوله لآخر: «وكلتك في كذا»، وبكل لفظ دل على الإذن، كقوله: «بع لي هذه السلعة»؛ لأنه يجري مجرى قوله: «وكلتك»، وتصح بقول الوكيل: «قبلت أو رضيت»، وبكل لفظ منه يدل على القبول، ويصح بكل فعل منه دل على القبول، ولو بدون لفظ؛ لأن التوكيل إباحة وإذن، فتصح من الوكيل بالفعل ولا يشترط اللفظ، ولأن الذين وكلهم النبي H في الأحاديث المذكورة لم ينقل عنهم سوى امتثال أمره.
وهذا مذهب الحنفية والشافعية والحنابلة.
أجمع العلماء على أن الوكالة تكون في البيع والشراء والشركة والقرض والإجارة والرهن والصرف ونحوها، وتكون في العبادات المالية كالوقف والصدقة والهبة والوصية، ولا تصح في العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصيام عن الحي بالإجماع، وتصح في العبادة البدنية المالية كالحج والعمرة لمن عجز عنهما.
والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الوكالة تصح في النكاح والطلاق والرجعة والعتق، فيوكل من يعقد له النكاح بامرأة معينة، أو من يطلق عنه زوجته؛ لأن الحاجة تدعو لمثل هذا كثيرًا، ولا دليل على منع الوكالة فيها.
وتصح الوكالة في المطالبة بالحقوق، أي: في المخاصمة بما يسمى في زمننا بـ«المحاماة» عند جميع العلماء، بشرط أن يعلم صدق الموكل، وألا يخاصم ويدافع عنه إلا بالحق.
هي التوكيل العام الذي لا يخص فيه شيء دون شيء، كقوله: «وكلتك في كل شيء من أمري، أو في كل تصرف يجوز لي، أو في جميع أشيائي، أو في كل
قليل وكثير».
مذهب الحنفية والمالكية وبعض الحنابلة: أن هذه الوكالة صحيحة؛ لأنه الأصل في الوكالة الجواز، ولا دليل من الشرع على منعها.
ومذهب الشافعية، والصحيح عند الحنابلة: أن هذه الوكالة باطلة؛ لأن فيها جهالة وغررًا عظيمًا وخطرًا كبيرًا، فيقوم فيها بهبة ماله، وطلاق نسائه، وعتق رقيقه، والمغالاة بالمهر، فيعظم الضرر، وهو الراجح، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
إن أذن له الموكل بالتوكيل؛ فهذا جائز، وإن نهاه عن التوكيل؛ فلا يجوز له، وهذان الحكمان لا خلاف فيهما بين العلماء.
وإن أطلق الوكالة؛ فإن كان التوكيل فيما لا يقدر عليه الوكيل، إما لعجزه عنه كحمل الأثقال، وإما لكونه لا يحسنه كهندسة المسكن، وإما لترفعه عن هذا العمل كالأعمال الدنيئة؛ فيجوز له أن يوكل غيره عند جمهور أهل العلم، وهو الراجح؛ لأنه يكون إذنًا له بالتوكيل عرفًا، فنعلم بالعرف أنه لا يقدر على هذا العمل.
وكذلك لو وكله بأمور متعددة لا يمكنه الإتيان بجميعها؛ فله أن يوكل فيما يزيد على الممكن للحاجة لذلك، والصحيح: أنه يجوز له أن يوكل غيره في الجميع؛ لأن هذه الوكالة اقتضت جواز التوكيل للحاجة إليه، فجاز في الجميع، وهو المذهب عند الحنابلة، ووجه للشافعية.
ولا يجوز للوكيل أن يوكل غيره فيما يقدر عليه، ويمكنه الإتيان به عند جمهور أهل العلم؛ لأن الموكل لم يأذن له بالتوكيل، فليس فيه الإذن له بالتوكيل في هذه الحالة لا لفظًا ولا عرفًا، ولأن التوكيل استئمان، فقد يثق بمن وكله ولا يثق بغيره، وهو الراجح، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.
([1]) بداية المجتهد (2/302)، المغني (8/203)، المجموع شرح المهذب (14/105)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/4056).
([2]) المغني (8/199)، بداية المجتهد (2/301)، المحلى مسألة (1362)، الفقه الإسلامي (5/4081)، الإنصاف (5/394)، الشرح الممتع (4/236).
([3]) بداية المجتهد (2/302)، المغني (8/205)، روضة الطالبين (3/527)، حاشية الدسوقي (5/57)، الإنصاف (5/392)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/4059)، الشرح الممتع (4/232).
([4]) المجموع شرح المهذب (14/110)، المغني (8/208)، روضة الطالبين (3/544)، حاشية الدسوقي (5/70)، الفقه الإسلامي (5/4087)، الإنصاف (5/362)، الشرح الممتع (4/209).