وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «إِذَا أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ ثَلَاثِينَ دِرْعًا»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَعَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ? قَالَ: «بَلْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ». رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(896) 04- وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ; أَنَّ النَّبِيَّ اسْتَعَارَ مِنْهُ دُرُوعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ. فَقَالَ: أَغَصْبٌ يَا مُحَمَّدُ? قَالَ: «بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
(897) 05- وَأَخْرَجَ لَهُ شَاهِدًا ضَعِيفًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
تخريج الأحاديث:
حديث يعلى بن أمية I: رواه أحمد (4/222)، وأبو داود (3566)، والنسائي في الكبرى (5/331) وغيرهم وإسناده صحيح.
حديث صفوان بن أمية I: رواه أحمد (3/401)، وأبو داود (3557)، والنسائي في الكبرى (5/332) وغيرهم، وفي سنده اضطراب وجهالة، ورواه الحاكم (3/48)، والبيهقي (6/89) عن جابر بن عبد الله L بنحوه، وإسناده حسن.
حديث ابن عباس L: رواه الحاكم (2/47)، وفي إسناده إسحاق بن عبد الواحد القرشي، واه.
فقه الأحاديث:
هذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء:
القول الأول: يجب على المستعير ضمانها، ففي حديث صفوان بن أمية I: «أَنَّ النَّبِيَّ H اِسْتَعَارَ مِنْهُ دُرُوعًا يَوْمَ حُنَيْنٍ،... قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ»، وهذا نص في أن العارية تضمن، وفي حديث سمرة I: «عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ»، أي: أن اليد مطالبة برد ما أخذته، وهذا لا يكون -إذا تلف- إلا بضمانه، ولعموم قوله تعالى: ﴿ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٩١ ﴾ [التوبة: ٩١].
وهذا مذهب الشافعية والصحيح عند الحنابلة.
القول الثاني: لا يضمنها المستعير، ففي حديث يعلى بن أمية I أن النبي H أراد أن يستعير منه دروعًا، فقال: «يَا رَسُولَ الله! أَعَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ؟ قَالَ: بَلْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ»، أي: ليس بضامن لها، وإنما يؤديها بعينها ولا يفرط فيها، فإن تلفت فلا شيء عليه.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِلِّ ضَمَانٌ»، رواه الدارقطني (3/41)، والبيهقي (6/91)، وإسناده ضعيف جدًّا، ولأن العارية أمانة، بدليل أن صاحبها أعارها له، فلم يضمنها كسائر الأمانات.
وحديث صفوان بن أمية في حق من اشترط على المستعير الضمان؛ جمعًا بين الأدلة، ويفهم هذا من سياق الحديث، وحديث سمرة I معناه: رد ما أخذه لمالكه، وليس فيه أنه يضمنه إذا تلف بدون تعدٍّ منه أو تفريط، وهذا مذهب الحنفية والمالكية، ورواية لأحمد، واختاره ابن تيمية وابن القيم، وهو الأرجح.
([1]) المغني (7/341)، الإنصاف (6/112)، الفقه الإسلامي وأدلته (5/4047)، الشرح الممتع (4/385).