وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ; أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: فِي خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ, كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
تخريج الحديث:
حديث أبي بكرة I: رواه البخاري (67) ومسلم (1679).
فقه الحديث:
كمن فتح باب دكان فسرق، أو حل رباط دابة فهربت، أو فك رباط السفينة فغرقت.
قال أبو حنفية: لا يضمن المتسبب؛ لأن مجرد فعل ما سبق ليس إتلافًا مباشرة.
وقال المالكية والحنابلة وبعض الحنفية: يضمن المتسبب؛ لأنه تسبب في إتلافه وحدث الضرر بفعله، وهذا أمر متوقع في العادة.
وعند الشافعية في هذه المسألة تفصيل لا داعي لذكره.
والقول الثاني: أنه يضمن مطلقًا، هو الرأي الراجح الواقعي.
هذه المسألة فيها قولان:
القول الأول: إذا أتلف منها ما يمكن الانتفاع به في أمر مباح بعد كسره أو فصله أو إصلاحه؛ فإنه يضمن قيمته على الوجه الذي صلح فيه الانتفاع. وإذا لم يصلح لمنفعة مباحة؛ فلا شيء على المتلف، لأنه لم يتلف ما له قيمة، وهذا قول أبي حنيفة، وهو المذهب عند الشافعية.
القول الثاني: أنه لا ضمان عليه مطلقًا؛ لأن منفعتها محرمة، فلا قيمة لها، ولأنه لا يحل بيعها كالميتة والخنزير، فلا يضمن متلفها، وهذا مذهب جمهور الفقهاء، وهو الراجح، مع ملاحظة الآتي:
لا خلاف بين العلماء أنه يجب عليه ردها إلى أربابها، فإن لم يعرف أربابها؛ فالصحيح الذي عليه جمهور العلماء أنه يتصدق بها، أو يصرفها في مصالح المسلمين كالطرقات والمستشفيات، بنية الأجر لصاحبها، وبنية التخلص من الإثم، فقد قال الله D: ﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ ﴾ [التغابن: ١٦]، فهذه استطاعته، وقال الله D: ﴿ لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، فإذا جاء صاحبها خير بين العفو والأجر، وبين أخذ بدلها من الغاصب، لأنه لم يأذن له بأخذها والتصدق بها.
([1]) المغني (7/430، 432)، الإنصاف (6/218)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/4826).
([2]) المغني (7/427)، الطرق الحكمية لابن القيم (ص/271)، الإنصاف (6/247)، الفقه الإسلامي (6/4796، 4830)، الشرح الممتع (4/452).
([3]) مجموع الفتاوى (28/592)، الإنصاف (6/212، 215)، قضايا الزكاة المعاصرة (1/188)، الشرح الممتع (10/194).