2024/12/28
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ  فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ? فَقَالَ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا, ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً, فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا».

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ  قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ  فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ? فَقَالَ: «اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا, ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً, فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا».

قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ?

قَالَ: «هِيَ لَكَ, أَوْ لِأَخِيكَ, أَوْ لِلذِّئْبِ».

قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ?

قَالَ: «مَا لَكَ وَلَهَا? مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا, تَرِدُ الْمَاءَ, وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ, حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث زيد بن خالد الجهني I: رواه البخاري (2427)،
ومسلم (1722).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: لقطة غير الحيوان([1]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن لقطة غير الحيوان كالنقد والحلي والآلات والكتب وغيرها إذا لم تكن تافهة؛ فإنه يجب على ملتقطها أن يعرفها بين الناس لمدة سنة، سواءً التقطها لأجل تملكها، أم لأجل حفظها.

فقد سئل النبي H عن اللقطة فقال: «اِعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا»، والعفاص: الكيس الذي فيه اللقطة. والوكاء: ما يربط به الكيس، حتى إذا جاء من يطلبها يعرف صدقه من كذبه، وحتى تتميز عن مال الملتقِط، ثم قال له: «ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً»، ولم يفرق بين من أراد الحفظ ومن أراد التملك.

وجاء في الصحيحين عن أبي بن كعب I قال: «وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ H فَأَتَيْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ H فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، قَالَ: فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا، فَعَرَّفْتُهَا فَلَمْ أَجِدْ مَنْ يَعْرِفُهَا، فَقَالَ: احْفَظْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا»، وهذا من باب الورع والاحتياط، وإلا فالواجب تعريفها سنة فقط، لحديث زيد بن خالد I، أو يكون خطأً من بعض الرواة، فهذا الحديث عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي بن كعب I، وفي صحيح مسلم عن شعبة قال: «فسمعته يعني: سلمة بن كهيل- بعد عشر سنين يقول: «عرفها عامًا واحدًا».

ويعرفها في المكان الذي وجدت فيه، وفي مجامع الناس، كالأسواق وأبواب المساجد، ولا يعرفها داخل المساجد، للنهي عن ذلك.

ويكثف التعريف في الأيام الأُوَل، ويقلل منه بعد ذلك.

فإذا لم يأت صاحبها بعد تعريفها حولًا كاملًا؛ فإنها تكون ملكًا للملتقط.

والصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا فرق في ذلك بين الملتقط الغني والفقير، ففي حديث زيد بن خالد I قال: فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا، وفي رواية: «وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ»، وفي رواية: «وَإِلَّا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا»، وفي حديث أبي ابن كعب I قال: «وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا»، وفي رواية: «وَإِلَّا، فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِكَ»، وهذه العمومات كلها في الصحيح، وهي تشمل الملتقط الغني والفقير.

المسألة الثانية: إذا جاء صاحب اللقطة([2]):

عامة العلماء على أن صاحب اللقطة إذا جاء زمن تعريفها أو بعده؛ أنه يجب على الملتقط أن يردها له، فإن كان استهلكها رد قيمتها، إلا أن يعفو صاحب اللقطة، فقد قال رسول الله H: «فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا»، وفي رواية: «فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ»، وفي رواية: «ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُهَا كَانَتْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ»، وكلا الروايتين في الصحيحين من حديث زيد بن خالد I.

فإذا ذكر مدعيها صفتها؛ وجب على الملتقط إعطاؤه إياها، ولا يحتاج إلى بينة، ففي حديث زيد بن خالد I قال رسول الله H في القطة: «اِعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا»، فيعطيه اللقطة إن ذكر صفتها الصحيحة، وفي صحيح مسلم من حديث أبي بن كعب I أن النبي H قال: «فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا وَوِكَائِهَا، فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ»، ولأن إقامة البينة على اللقطة قد تتعذر، لأنها إنما سقطت حال الغفلة والسهو.

وهذا مذهب المالكية والحنابلة والظاهرية، وبعض الشافعية، وهو الراجح.

المسألة الثالثة: التقاط ضالة الغنم وما يلحق بها([3]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن ضالة الغنم تلتقط، وأنها تكون ملكًا لمن التقطها، فله بيعها أو أكلها، وعليه الضمان، فقد قال رسول الله H في ضالة الغنم: «هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ».

ويضمنها إذا جاء صاحبها، سواءً وجدها في الصحراء أم في العمران، وسواء خاف عليها الهلاك من السباع وغيره، أم لم يخف عليها، لأن الأصل أن أموال الناس مضمونة على من استخدمها بغير إذنهم، وقد أمر النبي H برد لقطة غير الحيوان لصاحبها متى جاء يطلبها، فكذلك هنا.

ويلحق بحكم ضالة الغنم: كل حيوان يخاف عليه من صغار السباع، كالدجاج والأرنب والعجول، ففي الحديث قال: «هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ»، أي: إذا تركتها أكلها الذئب، فكذلك كل حيوان ضال إذا ترك أكله الذئب وما شابهه، كالثعلب والقط الوحشي، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ورواية للمالكية، وهو الراجح.

المسألة الرابعة: التقاط ضالة الإبل وما يلحق بها([4]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يجوز التقاط ضالة الإبل، فقد سئل النبي H عنها فقال: مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا أي: جوفها الذي يحمل الطعام والشراب-، وَحِذَاؤُهَا أي: خفها-، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا ».

وإذا خشي أن يأخذها قطاع الطرق أو لصوص؛ فله التقاطها، يفهم من قوله: «حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا»، وفي هذه الحالة لن يجدها ربها، قاله بعض العلماء،
وهو وجيه.

ويلحق بضالة الإبل في الحكم: كل حيوان يقوى على الامتناع من صغار السباع؛ لكبر حجمه أو لخفته، كالخيول والبقر والطيور، لأن هذه العلة هي التي من أجلها منع الشخص من التقاط ضالة الإبل.

ولم يخص النبي H ضالة الإبل بهذا الحكم، وإنما سئل
عنها فأجاب.

وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، ورواية للمالكية، وهو الراجح

 

([1]) المغني (8/292-299)، شرح مسلم (12/21-25)، المحلى (8/261-266)، بداية المجتهد (2/306-308)، فتح باب العناية (2/94)، فتح الباري (5/365).

([2]) المراجع السابقة.

([3]) المغني (8/337)، بداية المجتهد (2/305)، المنتقى للباجي (6/138)، روضة الطالبين (4/465)، فتح الباري (5/366).

([4]) المراجع السابقة، والمغني (8/343).

هذه الصفحة طبعت من - https://sheikh-tawfik.net/art.php?id=990