وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ; أَنَّ النَّبِيَّ جَعَلَ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ, إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهَا أُمٌّ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ, وَابْنُ الْجَارُودِ, وَقَوَّاهُ ابْنُ عَدِيٍّ.
تخريج الحديث:
حديث بريدة بن عبد الله: رواه أبو داود (2895)، والنسائي في الكبرى (6/111) وغيرهما، وفي سنده عبيد الله بن عبد الله العتكي أبو المنيب، فيه ضعف، وجاء عن قبيصة بن ذؤيب I قال: «جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا،... فَسَأَلَ النَّاسَ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ H فَأَعْطَاهَا السُّدُسَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا أَبُو بَكْرٍ»، رواه أبو داود (2894)، والنسائي في الكبرى (6/111)، والترمذي (2101)، وابن ماجه (2724)، وقبيصة كان صغيرًا في عهد أبي بكر I؛ فالحديث فيه انقطاع، وجاء من حديث ابن عباس وعبادة ومعقل بن يسار M عند البيهقي (6/235) وغيره بأسانيد ضعيفة، فحديث بريدة حسن بمجموع طرقه.
فقه الحديث:
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن الجدة ترث السدس فرضًا، سواءً كانت من جهة الأم أم من جهة الأب، فقد ثبت عن النبي H أنه أعطى الجدة السدس، وثبت هذا عن أبي بكر وعمر L وغيرهما.
وإذا وجدت أكثر من جدة في درجة واحدة، كأم الأم وأم الأب؛ فالسدس يقسم بينهن جميعًا بالسوية.
وأجمع العلماء على أن الجدة تحجب بالأم، فلا ترث السدس مع وجود الأم؛ لأن الجدات أمهات، وأم الميت أقرب منهن إليه؛ فتحجب الجدة.
وأما الأب؛ فإذا كانت الجدة من جهة الأم، كأم الأم؛ فلا يحجبها بالإجماع، فترث السدس معه.
وإذا كانت الجدة من جهة الأب -كأم الأب-؛ فالصحيح من أقوال العلماء: أنه – أيضًا - لا يحجبها؛ فترث مع وجوده.
وعلى هذا جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو المشهور عند الحنابلة وقول ابن حزم، وذلك لأن الجدات أمهات، فيرثن ميراث الأم، لهذا يحجبن بها، ولا يرثن ميراث الأب، فلا يحجبن به، وقد روى الترمذي (2102) وغيره عن ابن مسعود I قال في الجدة مع ابنها: «إِنَّهَا أَوَّلُ جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ H سُدُسًا مَعَ ابْنِهَا»، وسنده ضعيف.
مثال: هلك هالك عن أب وأم أب وابن؛ فللأب السدس، وللجدة السدس، والباقي للابن.
([1]) المحلى مسألة (1729)، المغني (9/54)، بداية المجتهد (2/349)، روضة الطالبين (5/11)، الاستذكار (15/445)، مجموع الفتاوى (31/352)، الإنصاف (7/310).