زوجتي تعاني من الوسواس القهري وخاصة في الوضوء، والصلاة، وترى أن كلما تعمله خطأ، فمثلًا في تكبيرة الإحرام يمضي عليها الوقت وهي تكرر التكبير، وترى نفسها على خطأ في نطق التكبير، وكذلك تكرر قراءة سورة الفاتحة، والتشهد .
وقد بذلت جهدي في نصحها بأن هذا وسواس، وأن لا تلتفت إلى هذا أبدًا، لكنها لا تستجيب لي أبدًا، ولا تسمع لكلامي، علمًا بأني ذهبت بها إلى أطباء نفسيين، فقرروا لها علاج مستمرًا، ولكن دون جدوى أو فائدة من العلاج، فما نصيحتكم لها في هذه المشكلة؟ وكذلك ما نصيحتكم لي كوني زوجها؟
ننصحها أن تتخلص من هذه الوساوس، وعلم أن هذا يُعتبَر مرضًا، فليس ما تظنه أو تفعله صحيحًا بل هو مرض، لكنه – والحمد لله – مرض سهل ويسير مع خطورته، فيمكن الخلاص منه بأمور: الأمر الأول: أن تعلم أن الله عزوجل يريد بنا اليسر، وما جعل علينا في الدين من حرج، والله غني عن عبادتنا، وإنما الغرض هو أن يعلم الله الصادق من الكاذب، والصالح من الفاسق. وتعلم أن هذه الوساوس من الشيطان، فالشيطان يسعى لإغواء ابن آدم من كل الجهات، فإذا وجده صالحًا ويكره الفسق والفساد جاء له في باب العبادة من تشويش عليه، ووساوس، ويُظهِر له أنه ليس على صواب، وأن أفعاله خاطئة. وكذلك عليها أن تعلم أن التَّنطع في الدِّين لا يجوز، والغلو في العبادة لا يجوز، فثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «هلك المتنطعون»، فهذا التدقيق منها يُعتبَر من التنطع. وأيضًا أن تعلم أن الله أمر بهذه العبادات جميع الناس من عهد النبي ﷺ إلى أن تقوم الساعة ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ﴾ [سورة سبأ:28]، فإذا كان هذا للأعجمي وللعربي وللبدوي وللحضري فلابد أنه سهل ويسير، فلا يحتاج إلى تكلُّف، فلو كان كما تظنه لشقت على الناس العبادة، ولَمَا استطاع لها إلا القليل من الناس، فإذا نظرنا إلى الأمر الشرعي الذي هو عام لكل الناس عرفنا أن حكمة الله تقتضي أن تكون العبادة سهلة ميسرة يقدر لها الجميع. وأيضًا عليها بدعاء الله سبحانه وتعالى، والاستمرار بالدعاء أن يدفع عنها كيد الشيطان، ويُذهِب عنها الوساوس، وستذهب إن شاء الله ، هذا المرض لا يدوم في الشخص بل يذهب بفضل الله. وكذلك تعلم أن هذه الوساوس تجعلها في حيرة، وقلق، وهم، وغم، والله سبحانه وتعالى لا يريد للعبد أن يكون في قلق وهَم وحيرة لاسيما في عبادته بل عبادته تزيل الهم والقلق والحيرة والغم. وننصح الزوج أن يصبر عليها، ويدعو لها بالعافية من هذا المرض، وكونها لا تقتنع بما يقول فلا يقع في نفسه؛ لأنها ترى عدم الثقة به في هذا الباب؛ وبالتالي هو ينظر آخرين يقومون بنصحها لاسيما من أهل العلم؛ لأن غالب من يقع في الوساوس بسبب قلة العلم والفهم الشرعي، عافاها الله وشفاها.