وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ فَذَكَرَتْ: أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ, فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ . رَوَاهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, وَأُعِلَّ بِالْإِرْسَالِ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عباس L: رواه أحمد (1/273)، وأبو داود (2096)، وابن ماجة (1875)، وجاء مرسلًا وهو الصواب، كما قاله أبو داود وأبو زرعة وأبو حاتم([1]) وغيرهم.
ورواه النسائي في الكبرى (3/283) من حديث جابر I موصولًا ومرسلًا، والصواب فيه الإرسال أيضًا، كما قاله الإمام أحمد والدارقطني([2]) والبيهقي([3])، وجاء من حديث عائشة J رواه أحمد (6/136)، والنسائي (6/87) وغيرهما، وفي سنده انقطاع، ورواه ابن ماجه (1874) من حديث بريدة I وهو شاذ.
وقال المصنف في ]فتح الباري[ (10/246): «طرقه يقوى بعضها ببعض»، وهو كما قال، فهو حديث حسن لغيره.
فقه الحديث:
مسألة: إذا زوج ولي المرأة المرأَة وهي كارهة ثم أجازته([4]):
هذه المسألة فيها خلاف:
فمذهب الحنفية: أن عقد النكاح صحيح، ففي الحديث: «أَنَّ جَارِيَةً بِكْرًا أَتَتِ النَّبِيَّ H فَذَكَرَتْ: أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ H»، أي: بين إبقاء النكاح وبين إبطاله.
وحديث الخنساء الآتي ليس فيه أن رسول الله H لم يخيرها.
والمشهور عند المالكية: أن عقد النكاح صحيح إذا كانت الإجازة منها بعد العقد مباشرة، فالتساهل في أمر اليسير دون الكثير معمول به في كثير من الأحكام الشرعية
ومذهب الشافعية، والأصح عند الحنابلة، ورواية لمالك V: أن النكاح باطل، ولو أجازته المرأة بعد ذلك؛ لأن رضاها شرط في صحة العقد، وإذا خلا العمل من شرطه بطل، وفي ]البخاري[ عن خنساء بنت خدام J: «أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ الله H فَرَدَّ نِكَاحَهُ»، فظاهره أنه لم يخيرها.
وحديث الجارية إنما خيرها لأنه زوجها بغير كفء، وهذا هو الأحوط، وحديثهم أصح، والله أعلم.
([1]) علل ابن أبي حاتم (1/417).
([2]) سننه (3/233).
([3]) سننه (7/118).
([4]) فتح القدير لابن الهمام (3/307)، المنتقى للباجي (3/310)، المغني (9/379)، مجموع الفتاوى (32/29، 42)، فتح الباري (10/244)، الإنصاف (8/82).