وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا, وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث أبي هريرة I: رواه البخاري (5108)، ومسلم (1408).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: المحرمات من النساء على الرجل([1]):
أولًا: المحرمات عليه من النسب، وهن سبع:
- الأمهات؛ ويشمل القريبة والبعيدة، وهي الأم والجدة -أم الأم وأم الأب- وإن علون.
- البنات؛ ويدخل فيه بنت الصلب، وبنات البني،ن وبنات البنات وإن نزلن.
- الأخوات؛ من الأبوين أو الأب أو الأم.
- العمات؛ وهن أخوات الأب من أبويه أو أبيه أو أمه، وأخوات الأجداد من قبل الأب أو من قبل الأم.
- الخالات؛ أخوات الأم من أبويها أو أبيها أو أمها، وأخوات الجدات من قبل الأم أو من قبل الأب.
- بنات الأخ؛ سواء كان الأخ لأبوين أم لأب أم لأم.
- بنات الأخت؛ سواء كانت الأخت لأبوين أم لأب أو لأم.
ثانيًا: المحرمات عليه من الصهر، وهن أربع:
- أمهات الزوجة ولو بعدن؛ كأم أمها وأم أبيها.
- بنات الزوجة؛ وهي كل بنت للزوجة ولو بعدت، كبنت بنتها وبنت ابنها.
- زوجة الأب؛ فتحرم على الرجل امرأة أبيه، سواء كان أبًا قريبًا أم بعيدًا، كزوجة أب الأب، وزوجة أب الأم.
- زوجة الابن؛ فيحرم على الرجل زوجة ابنه وزوجة أبناء أبنائه، وأبناء بناته.
وكل ما سبق عليه جميع العلماء.
ثالثًا: المحرمات من الرضاع، وسيأتي الكلام عليهن في (باب الرضاع).
المسألة الثانية: متى تحرم بنت الزوجة على الزوج([2])؟
لا خلاف بين العلماء أنها تحرم عليه بدخوله على أمها، ولا يكفي العقد.
واختلفوا في اشتراط أن تكون بنت الزوجة في حجره، أي: في حضانته؛
فذهب جماعة من السلف، والظاهرية، وبعض الحنابلة إلى اعتباره شرطًا، فلا تحرم عليه الربيبة، إلا أن تكون في حجره، فهذا ظاهر القرآن، قال D:
﴿ وَرَبَٰٓئِبُكُمُ ٱلَّٰتِي فِي حُجُورِكُم ﴾ [النساء: ٢٣].
وقال جمهور العلماء: لا يشترط ذلك، فتحرم عليه ولو لم تتربَّ في حجره إذا دخل على أمها، كبقية محارمه.
وأجابوا على قوله D: ﴿ فِي حُجُورِكُم ﴾ أنه ليس قيدًا، وإنما خرج مخرج الغالب، فالغالب على بنت المرأة أنها تكون عند أمها، لأن الله D ذكر بعد ذلك مفهوم الدخول فقال: ﴿ فَإِن لَّمۡ تَكُونُواْ دَخَلۡتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡكُمۡ ﴾ [النساء: ٢٣]، ولم يذكر مفهوم الحجر، بأن يقول: «وإن لم يكن في حجوركم»، وهذا يدل على أنه قيد غير معتبر، فهو كقوله D: ﴿ وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَوۡلَٰدَكُمۡ خَشۡيَةَ إِمۡلَٰقٖ ﴾ [الإسراء: ٣١]، فذكر الإملاق - وهو الفقر -؛ لأنه في الغالب سبب القتل، وإلا فيحرم قتل الأولاد ولو بدون الإملاق، وكقوله سبحانه: ﴿ وَلَا تُكۡرِهُواْ فَتَيَٰتِكُمۡ عَلَى ٱلۡبِغَآءِ إِنۡ أَرَدۡنَ تَحَصُّنٗا ﴾ [النور: ٣٣]، فيحرم – أيضًا - أمرها بالزنى ولو كانت راضية، وذكر الإكراه من باب الغالب.
وقول الجمهور هو الأرجح.
المسألة الثالثة: الجمع بين المرأة وخالتها أو عمتها([3]):
أجمع العلماء على أنه يحرم على الرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، فقد قال النبي H: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا»، سواء كانت حقيقية، وهي أخت الأب أو أخت الأم، أم كانت مجازية، وهي أخت أبي الأب وإن علت، أو أخت أم الأم وإن علت؛ لما يورث الجمع بينهما من التشاحن والتباغض، فتحصل النفرة والفرقة بين المرأة وعمتها وخالتها.
([1]) تفسير القرطبي (5/174)، بداية المجتهد (2/32)، روضة الطالبين (5/449)، المغني (9/514، 519، 525)، زاد المعاد (5/119).
([2]) تفسير القرطبي (6/186)، تفسير ابن كثير (3/418)، بداية المجتهد (2/33)، شرح مسلم (10/24)، المحلى مسألة (1864)، المغني (9/516)، زاد المعاد (5/120، 562)، فتح الباري (10/198)، الشرح الممتع (12/122).
([3]) تفسير القرطبي (6/193)، بداية المجتهد (2/41)، شرح مسلم (9/163)، المغني (9/519).