وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إِيلَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ, فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ, فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ, فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ.
تخريج الأثر:
أثر ابن عباس L: رواه البيهقي (7/381)، وفي سنده الحارث بن عبيد الأيادي يعتبر به، وقد رواه ابن أبي شيبة (5/135) عن ابن عباس L بنحوه وسنده حسن.
فقه الأثر:
المسألة الأولى: الحلف على ترك الجماع أقل من أربعة أشهر([1]):
ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يأخذ حكم الإيلاء، فإذا مضت أربعة أشهر ولم يجامع؛ فلا يوقف المولي ويخير بين الفيء والطلاق، وإنما يكون التربص والتوقيف إذا حلف على ترك الجماع أكثر من أربعة أشهر، فعن ابن عباس L أنه قال: «كَانَ إِيلَاءُ الجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ»، أي: لا يأخذ حكم الإيلاء، وهو الأظهر، فهو كما لو امتنع بدون يمين.
ومذهب الظاهرية وجماعة من السلف: أنه – أيضًا - يأخذ حكم الإيلاء، فإذا مضت أكثر من أربعة أشهر ولم يجامع وقِف المولي وخير بين الفيء –وهو الجماع- وبين الطلاق، ويجبر على ذلك، فالله E ذكر الإيلاء من النساء أولًا، ثم ذكر بعده التربص والتوقيف، فلم يذكر الإيلاء والتربص في وقت واحد.
المسألة الثانية: ترك جماع المرأة بدون حلف([2]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يدخل في حكم الإيلاء، فلا يوقف المولي بعد الأربعة الأشهر من ترك الجماع؛ لعدم وجود اليمين على تركه، فظاهر الآية اشتراط الإيلاء - ﴿ لِّلَّذِينَ يُؤۡلُونَ مِن نِّسَآئِهِمۡ ﴾ -، والإيلاء اليمين والحلف.
فعلى هذا: يوعَظ ويؤمر بتقوى الله D، فإن أبى؛ فللمرأة أن تطلب الفراق من غير ضرب الأجل –أي: من غير تحديد المدة- بناء على أن الجماع حق للمرأة كالنفقة والسكنى، وهو الصواب.
([1]) المحلى مسألة (1889)، بداية المجتهد (2/101)، تفسير القرطبي (3/70)، تفسير ابن كثير (1/493)، زاد المعاد (5/345)، فتح الباري (10/535).
([2]) تفسير القرطبي (3/71)، بداية المجتهد (2/101)، المحلى مسألة (1889).