وَعَنْ عائشة قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ H: «انْظُرْنَ مَنْ إِخْوَانُكُنَّ, فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1140) 03- وَعَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ. فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ سَالِمًا مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ مَعَنَا فِي بَيْتِنَا, وَقَدْ بَلَغَ مَا يَبْلُغُ الرِّجَالُ. قَالَ: «أَرْضِعِيهِ، تَحْرُمِي عَلَيْهِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
تخريج الحديثين:
حديث عائشة J: رواه البخاري (5102)، ومسلم (1455).
حديث عائشة J: رواه مسلم (1453).
فقه الحديثين:
مسألة: رضاع الكبير([1]).
ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أن الكبير إذا رضع لا تحصل له الحرمة، فقد قال D: ﴿ وَٱلۡوَٰلِدَٰتُ يُرۡضِعۡنَ أَوۡلَٰدَهُنَّ حَوۡلَيۡنِ كَامِلَيۡنِ ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، فالشاهد: أن كمال الرضاعة إلى الحولين، وما بعده تغذية لا رضاعة، فالكبير لم يحصل له الرضاع الذي ينبت اللحم ويفتق الأمعاء وينشز العظم.
ولقوله H: «إِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ المَجَاعَةِ»، أي: من الحاجة للرضاعة، فالطفل يحتاج للرضاعة بسد اللبن جوعته، أما الكبير فلا يحتاج إلى الرضاعة.
وردوا على حديث أم حذيفة J في قوله H لها: «أَرْضِعِيهِ، تَحْرُمِي عَلَيْهِ»: بأنه إما منسوخ، وإما خاص بسالم مولى أبي حذيفة L.
وذهب بعض السلف وابن حزم إلى أن الحرمة تحصل للكبير بالرضاع مطلقًا، فقد قال النبي H لأم حذيفة J: «أَرْضِعِيهِ، تَحْرُمِي عَلَيْهِ».
وذهب بعض العلماء إلى أن الحرمة تحصل للكبير عند وجود الحاجة، لمن لا يستغنى عن دخوله على المرأة ويشق احتجابها منه، كمثل حال سالم مولى أبي حذيفة مع امرأة أبي حذيفة.
وأما مع غير الحاجة؛ فلا تحصل الحرمة للكبير، فيرخص عند الحاجة ما لا يرخص عند عدمها.
وهو قول بعض الشافعية وابن تيمية وابن القيم والصنعاني والشوكاني، وقال ابن عثيمين V: «لشيخ الإسلام فتوى ثانية أنه لمن كان كحال سالم من كل الجهات، وليس هو لمطلق الحاجة» ورجحه، قال: «وحالة سالم منعدمة الآن، لأنه كان متبنى، لأن هذا كان جائزًا ثم حُرِّم».
والراجح: أن رضاع الكبير لا تحصل به الحرمة، وما جاء في قصة سالم مولى أبي حذيفة L إما خاص به، وإما خاص بمن اتخذ ابنًا بالتبني، كابن النسب، كمثل حالة سالم I عندما كان ذلك جائزًا، وأما مع تحريمه فلا أثر للرضاع على الكبير، لأن مثل حالة سالم لا يمكن أن تعود. ثم الأولى للكبير اجتناب الرضاع كمثل رضاع بعض الرجال من نسائهم للشبهة الواردة في حديث سالم.
([1]) شرح مسلم (10/27)، فتح الباري (10/185)، الاستذكار (18/273)، مجموع الفتاوى (34/44، 59، 63)، زاد المعاد (5/578)، سبل السلام (3/313)، السيل الجرار (2/469)، شرح مسلم للعثيمين (5/69).