وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ, وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنَ النِّسَاءِ, وَقَالَ: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (6834).
فقه الحديث:
مسألة: تشبه الرجال بالنساء والعكس([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه يحرم على الرجل التشبه بالنساء في الأقوال الأفعال، ويحرم على المرأة التشبه بالرجال في الأقوال والأفعال، فعن ابن عباس L قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ H المُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ -وهو المتشبه بالنساء وإن لم تعرف منه الفاحشة-، وَالمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ -وهي المتشبهة بالرجال-»، واللعن لهما يدل على أن هذا العمل من كبائر الذنوب، كما نص عليه جماعة من أهل العلم.
والحكمة من التحريم: أن الرجل المتشبه بالنساء يكتسب من أخلاقهن بحسب تشبهه، حتى ينتهي الحال به إلى التخنث المحض، والتمكين من نفسه كأنه امرأة، والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلاقهم، حتى ينتهي الحال بها إلى التبرج والبروز ومشاركة الرجال وإظهار البدن أمام الرجال كما يظهره الرجال.
والنهي عن هذا الفعل في حق من تعمد وقصد التشبه، وأما من كان ذلك من أصل خلقته؛ فلا يدخل في اللعن، ولكنه يؤمر بالاجتهاد في تركه بالتدرج قدر الاستطاعة.
واتفقوا على تعزير المخنث، ومذهب الحنفية: أنه يعزر بالسجن حتى يتوب.
ونص الشافعي وأحمد على نفيه من البلدة، وفي حديث ابن عباس L إشارة إلى ذلك، ففيه: «أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ»، فالأمر يرجع إلى الإمام بما يراه أصلح في تعزيره
([1]) شرح مسلم (14/137)، المفهم للقرطبي (5/515)، شرح السنة للبغوي (2/121)، مجموع الفتاوى (22/145، 155)، فتح الباري (10/419)، (11/521)، الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/155).