الخميس ، ٢٣ يناير ٢٠٢٥ -

الرئيسية

المقالات العامة

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ  قَالَ: «أَمَرَنِي النَّبِيُّ  أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ, وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ, وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ  قَالَ: «أَمَرَنِي النَّبِيُّ  أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ, وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ, وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
6

وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ  قَالَ: «أَمَرَنِي النَّبِيُّ  أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ, وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ, وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

تخريج الحديث:

حديث علي I: رواه البخاري (1707)، ومسلم (1317).

فقه الحديث:

المسألة الأولى: الأكل والصدقة من الأضحية([1]):

ذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل من الأضحية؛ فقد أمر به E، فقال: ﴿ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ [الحج: ٣٦]، وأمر به النبي H بعد أن نهاهم عن ادخار الأضاحي فوق ثلاثة أيام، فقال: «فكلوا وادخروا وتصدقوا». جاء من حديث سلمة I في البخاري ومسلم، وعائشة وجابر وأبي سعيد M في مسلم.

ومذهب جمهور العلماء: أن الأكل منها يستحب ولا يجب، فالأمر في الآية للاستحباب؛ وذلك لأن أهل الجاهلية كانوا يتحرجون من أكل ذبائحهم كما ذكره المفسرون، فأمر الله تعالى بأكل المسلم من ذبيحته لرفع الحرج الذي كان عند أهل الجاهلية.

والأمر في الأحاديث إنما هو أمر بعد حظر، فلا يكون للوجوب؛ وذلك لأنه نهاهم أولًا عن الإدخار، ثم أباح لهم ذلك، بأمرهم بالأكل والصدقة والإدخار، وهذا هو الأرجح.

وأما الصدقة؛ فمذهب الحنابلة، والمشهور عند الشافعية: أنها واجبة؛ للآية والأحاديث السابقة، وتجب الصدقة بأقل ما يجزئ في الصدقة، أي: بما يصح أن يطلق عليه اسم الصدقة.

ومذهب الحنفية والمالكية، ووجه للشافعية: أن الصدقة منها مستحب فقط؛ لأن الأمر بها جاء بعد حظر، وما كان كذلك؛ فلا يكون للوجوب، ولما رواه مسلم عن ثوبان I قال: ذَبَحَ رَسُولُ اللهِ H ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قَالَ: «يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هَذِهِ»، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهَا حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ. فظاهره: أن النبي H لم يتصدق من أضحيته هذه، وإنما استمر في أكلها مدة سفره.

والقول بوجوب الصدقة منها هو الأقرب؛ فالأمر بالصدقة منها ليس لرفع الحظر، فلم ينه الشرع عن الصدقة منها ثم أمر بها، وإنما ذلك في الأكل منها، وحديث ثوبان واقعة عين، فليس فيه أنه لم يتصدق منها.

المسألة الثانية: الإدخار من الأضحية([2]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أن النهي عن الإدخار من الأضحية بعد ثلاثة أيام منسوخ، فقد كان النبي H نهاهم عن إدخارها فوق ثلاثة أيام؛ لمجاعة نزلت بالناس، ثم أباح لهم أن يدخروها فوق ثلاثة أيام، ففي صحيح مسلم، عن بريدة I، قال: قال رسول الله H: «وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ».

وفي البخاري ومسلم عن سلمة بن الأكوع I، قال: قال رسول الله H: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ المَاضِي؟ قَالَ: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا».

وفي الصحيحين، عن عائشة J قالت: قال الرسول H: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا».

المسألة الثالثة: إعطاء الجزار أجرته من الأضحية([3]):

يحرم إعطاء الجزار أجرته من الأضحية، وعلى هذا أهل المذاهب الأربعة، ففي حديث علي I «أَمَرَنِي النَّبِيُّ H أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ, وَأَنْ أُقَسِّمَ لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ, وَلَا أُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا»، قَالَ: «نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا»، ولأن إعطاءه الأجرة منها يعتبر كالبيع لبعضها، وهو محرم-كما سيأتي-.

وأجاز الشافعية والحنابلة إعطاء الجزار منها إذا كان فقيرًا، أو على سبيل الهدية لا الأجرة، وهذا جيد.

المسألة الرابعة: بيع جلود الأضحية([4]):

الصحيح الذي عليه جمهور العلماء: أنه لا يجوز بيع جلد الأضحية، ولا شيء منها؛ وذلك لأنها نسك، والأصل في النسك أنه ممنوع بيعه، وأيضًا لأنه لا يجوز أن يعطى أجرة للجزار؛ لعموم قوله: «ولا تعطي في جزارتها منها شيئًا».

فعلى هذا ينتفع صاحب الأضحية بالجلد، أو يتصدق به، فإن لم يمكن باعه وتصدق بثمنه.

 

([1]) الاستذكار (15/173)، شرح مسلم (13/111)، المحلى مسألة (985)، بدائع الصنائع (5/80)، المغني (13/379)، فتح القدير (11/144)، الإنصاف (4/103).

([2]) شرح مسلم (13/109)، الاستذكار (15/168)، المغني (13/381)، بدائع الصنائع (5/81)، فتح الباري (11/146).

([3]) فتاوى اللجنة الدائمة (14/399)، الموسوعة الفقهية (5/105)، تنوير العينين (ص/375).

([4]) شرح العمدة لابن الملقن (6/289)، تنوير العينين (ص/373).

6 قراءة
فتاوى الشيخ
المصحف الشريف
مع التفسير
الأكثر زيارة
آخر الإضافات
تهنئة