وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ; أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَةٍ: «فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً».
حديث عمر I: رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656)، والزيادة المذكورة رواها البخاري.
فقه الحديث:
المسألة الأولى: من نذر الاعتكاف في أحد المساجد الثلاثة([1]):
الصحيح الذي عليه المالكية والحنابلة، والأصح عند الشافعية: أنه إذا نذر أن يعتكف في المسجد الحرام فلا يجزئه أن يعتكف في غيره، فليس هنالك أفضل منه، وقد نذر عمر I في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال له رسول الله H: «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ»، فألزمه أن يفي بنذره بالاعتكاف في المسجد الحرام.
وإذا نذر أن يعتكف في المسجد النبوي؛ فله أن يعتكف فيه، أو في المسجد الحرام، ولا يعتكف في المسجد الأقصى؛ لأنه دونه.
وإذا نذر أن يعتكف في المسجد الأقصى؛ فله أن يعتكف فيه، وأن يعتكف في المسجد الحرام أو النبوي؛ لأنهما أفضل منه ـ كما سبق في نذر الصلاة ـ.
المسألة الثانية: وفاء الكافر بنذره إذا أسلم([2]):
الصحيح الذي عليه الحنابلة والظاهرية، وجماعة من الشافعية، وبعض العلماء: أنه يصح نذر الكافر، فإذا أسلم وجب عليه أن يفي بنذره، فقد نذر عمر I في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فقال H: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» وهذا أمر وهو يقتضي الوجوب.
ومذهب جمهور العلماء: أن نذر الكافر لا يصح؛ لأنه لا يصح منه التقرب بالعبادة، فلا يجب عليه الوفاء به بعد إسلامه، فعليه يكون أمره H لعمر I بالوفاء على جهة الندب؛ لأنه أمر بعد توهم نهي، فلم يفد الوجوب.
([1]) الموسوعة الفقهية الكويتية (40/182).
([2]) شرح مسلم (11/104)، المحلى مسألة (1119)، فتح الباري (13/441)، الإنصاف (11/117).