- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ L: أَنَّ النَّبِيَّ H قَالَ فِي الَّذِي سَقَطَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَاتَ: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ, وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تخريج الحديث:
حديث ابن عباس L: رواه البخاري (1265)، ومسلم (1206).
فقه الحديث:
المسألة الأولى: حكم تغسيل الميت وتكفينه([1]):
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أنه يجب تغسيل الميت قبل دفنه، فقد أمر النبي H بتغسيله فقال في الذي سقط عن راحلته فمات: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ»، والأمر يقتضي الوجوب، فإن دفن ولم يغسل بغير عذر أثم الناس.
وأجمع العلماء على وجوب تكفين الميت، فقد أمر النبي H بتكفين الرجل الذي سقط عن راحلته فمات فقال: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ»، والأمر للوجوب.
المسألة الثانية: تكاليف الكفن([2]):
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم: أن تكاليف كفن الرجل تؤخذ من ماله إذا ترك مالًا قبل قضاء الدين والوصية والميراث، فالرجل الذي سقط عن راحلته فمات قال النبي H: «وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ»، ولم يسأل النبي H عن دينه أو وصيته أو وارثه، فأمر أن يكفن في ثوبيه، ولما جاء في الصحيحين أن مصعب بن عمير I لما قتل لم يترك إلا نمرة، فأمر النبي H أن يكفن بها، ففيه دليل على أن الكفن أولى من غيره.
ولأن ستْره في الدنيا واجب قبل كل شيء؛ فكذلك في موته، فعليه: إذا لم يترك الميت إلا ما يكفن به، ولم يوجد من يتبرع بتكاليف الكفن؛ فيشترى له الكفن بما معه من المال قبل النظر إلى دينه أو وصيته أو حق الوارث.
واختلفوا في كفن المرأة من أين تؤخذ قيمته؟
فذهب الشافعية في المشهور عندهم، وقول للحنفية، ووجه للحنابلة: أن قيمة كفنها تؤخذ من مال زوجها، فتلزم على الزوج قيمة كفنها، كما تلزم عليه نفقتها، ولو كانت ذات مال، فهو ينفق عليها ولو كانت غنية، فيجب عليه قيمة الكفن ولو كانت غنية.
وذهب المالكية، والحنابلة في المشهور عندهم، وقول للحنفية، ووجه للشافعية: إلى أن قيمة كفنها تؤخذ من مالها إن تركت مالًا، ولا تجب على الزوج، فلا دليل على وجوبها على الزوج كما تجب النفقة لها عليه، وهو الأرجح، والله أعلم.
([1]) المجموع شرح المهذب (5/128)، المحلى [مسألة] (567)، فتح الباري (3/464).
([2]) المجموع شرح المهذب (5/189)، الأوسط (5/362)، فتح الباري (3/483)، الموسوعة الفقهية (13/242).